وجه، اليوم السبت 06/03/2021، رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب كلمة الى اللبنانيين قائلاً: “لكأن قدرنا في هذا الوطن أن نبقى معذبين. لكأن هذا الوطن محكوم بالسير الدائم على الجلجلة، وما الاستراحات المتقطعة إلا لمتابعة مسيرة الآلام. لكأن أحلام اللبنانيين بوطن مستقر، مسجونة. لكأن طموحاتهم بدولة عادلة، ممنوعة. لكأن أمنياتهم بالاطمئنان إلى الغد، مصادرة”.
وسأل: “ما هي مسؤولية اللبنانيين في صراعات العالم؟ لماذا يبقى لبنان خط التماس في المنطقة؟ من يستخدم وطننا ساحة لتصفية الحسابات الخارجية؟ ما ذنب اللبنانيين حتى يدفعوا ثمن الأطماع والأحلام والطموحات والحرتقات السياسية؟”.
أضاف: “لقد بلغ لبنان حافة الانفجار بعد الانهيار. والخوف من ألا يعود ممكنا احتواء الأخطار. فهل المطلوب أن يتحلل البلد؟ وهل يستكمل تحلل الدولة بعد أن أصبحت الحلقة الأضعف؟ اللبنانيون يعانون أزمة اجتماعية خطيرة، وهي مرشحة للتفاقم إذا لم يتم تشكيل حكومة جديدة لديها صلاحيات وخلفها زخم سياسي داخلي ودعم خارجي للتعامل مع هذه الأزمة. ألا يشكل مشهد التسابق على الحليب حافزا كافيا للتعالي على الشكليات وتدوير الزوايا من أجل تشكيل الحكومة؟ لا يمكننا لوم الناس على صرختهم، بينما يدور تشكيل الحكومة في حلقة مفرغة، وبالتالي تتعمق معاناة اللبنانيين وتتراكم المشكلات الاجتماعية”.
وتابع: “بكل أسف، اليوم، وبعد نحو سبعة أشهر على استقالة حكومتنا، لم تتشكل الحكومة الجديدة، وهو ما وضعنا أمام معضلة كبيرة وتعقيدات كثيرة واجتهادات متباينة حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال. البعض يطلب من الحكومة المستقيلة أن تمارس صلاحيات حكومة قائمة بذريعة الظروف الاستثنائية. والبعض يحذر من تجاوز حكومة تصريف الأعمال ما حدده الدستور من صلاحيات تصريف الأعمال ضمن الحدود الضيقة. لكن حسم هذا النقاش هو في مجلس النواب باعتباره مرجعية تفسير الدستور. الظروف الاجتماعية تتفاقم، والظروف المالية تضغط بقوة، والظروف السياسية تزداد تعقيدا، والبلد يواجه تحديات جسيمة لا يمكن لحكومة عادية مواجهتها من دون توافق سياسي، فكيف يمكن لحكومة تصريف أعمال أن تواجه تلك التحديات؟”.
وأوضح: “نحن لم نتقاعس عن أداء دورنا في تصريف الأعمال، ونقوم بواجبنا عند المستوى الأعلى من تصريف الأعمال وفق ما يسمح به الدستور. بدل فتح هذا النقاش الذي يزيد الانقسامات، يجب تركيز الجهود على الإسراع بتشكيل حكومة جديدة تستكمل مسيرة الإصلاحات التي بدأتها حكومتنا وتستأنف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي على قاعدة الخطة الإصلاحية التي وضعناها بعد تحديثها. اليوم، وفي ظل تعاظم التحديات، يجب ألا يتقدم أي عمل على جهود تشكيل الحكومة الجديدة، أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد. فالمعادلة واضحة: لا حل للأزمة الاجتماعية من دون حل الأزمة المالية، ولا حل للأزمة المالية من دون استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولا مفاوضات مع صندوق النقد من دون إصلاحات، ولا إصلاحات من دون حكومة جديدة. أي نقاش آخر خارج هذا السياق هو عبث سياسي، ومحاولة لتقاذف المسؤوليات، وهو ما قد يطرح أمامي خيار الاعتكاف وتعطيل الهامش الذي نتحرك فيه لتسيير أمور البلد، حتى أشارك في الضغط لتشكيل الحكومة”.
أضاف: “إذا كان الاعتكاف يساعد على تشكيل الحكومة، فأنا جاهز للجوء إليه، على الرغم من أنه يخالف قناعاتي، لأنه يؤدي إلى تعطيل كل الدولة ويضر بمصلحة اللبنانيين. من يتحمل مسؤولية هذا المسار الانحداري السريع؟ ومن يستطيع التعامل مع التداعيات الخطيرة التي ستترتب على هذا المسار؟ شو ناطرين؟ المزيد من الانهيار؟ المزيد من معاناة الناس؟ الفوضى؟ هل صحيح أن التسوية تحتاج إلى تسخين، وأنه لا يمكن تشكيل الحكومة على البارد؟ لم يعد لدى اللبنانيين القدرة على تحمل المزيد من الضغوط. ألا يستحق اللبنانيون تضحيات صغيرة من أجل مصلحة الوطن؟ ماذا سنفعل بوزير بالزايد أو وزير بالناقص إذا انهار كل البلد؟ فلنترك أوهام السلطة وطموحاتها جانبا، لأن الآتي من الأيام لا يبشر بالخير إذا بقي العناد والتحدي والمكابرة حواجز أمام تشكيل الحكومة العتيدة.
لبنان بخطر شديد، واللبنانيون يدفعون ثمن الانتظار الثقيل. الله يحمي لبنان. الله يحمي اللبنانيين”.