حرب: ما جرى منذ عقود ولا سيّما 1990 تدمير منهجي للدولة وجريمة موصوفة تقارب الخيانة العظمى

حرب متوسطاً أعضاء مخزومي وأعضاء الملتقى
0

نظّم “ملتقى بيروت” لقاءً حوارياً مع الوزير السابق بطرس حرب حول موضوع “هل نحن على مشارف تغيير النظام؟”، حضره النائب فؤاد مخزومي والوزيران السابقان الدكتور خالد قباني والعميد حسن السبع ومدير عام وزارة العدل سابقاً القاضي السيدة ميسم النويري وحشد من الشخصيات القانونية والثقافية والاجتماعية، ومن الناشطين في المجتمع المدني.

بدأ اللقاء بكلمة ترحيب بالمشاركين من رئيس الملتقى الدكتور فوزي زيدان، تلاه حرب قائلاً: “أن يصبح مصير النظام السياسي القائم موضع تساؤل وقلق في الأجواء المأساوية التي يعيشها اللبنانيون وصراعهم من أجل الحياة والبقاء، بالنظر لما تعرّضوا له من نكبات متلاحقة ومذلّة. ولا أخفي أنني بتّ مقتنعاً أنّ ما جرى في لبنان منذ عقود، ولا سيّما بعد العام 1990، هو تدمير منهجي للدولة، وانتهاك للمواثيق الوطنية، وجريمة موصوفة بحقّ الوطن تقارب بفداحتها حدّ الخيانة العظمى. أستطيع أن أجزم أنّ المشكلة ليست في النظام الذي نعتمده، بل في من تولى إدارته وسكت عنه، من مسؤولين ومواطنين بالسواء.

فلبنان الوطن والدولة قد توحّد جغرافياً عام 1920 بقرار دولي عند إعلان دولة لبنان الكبير، وتوحّد الشعب بعد معركة الاستقلال عام 1943، في إطار دولة ديموقراطية سيدة مستقلة حرّة، مبنيّة على الميثاق الوطني الذي قام على قاعدة “لا للشرق ولا للغرب” وتصميم اللبنانيين على الحياة المشتركة للطوائف المختلفة، والعمل على إلغاء الطائفية من نظامنا السياسي. إلا أنه تبيّن بعد الممارسة، أنّ اللبنانيين لم يقتنعوا بالمراهنة على قيام وطنهم ودولتهم الواحدة بصورة نهائية مؤبّدة. وجاء اتفاق الطائف لحلّ القضايا العالقة بين اللبنانيين ولإخراج السوريين من لبنان بعد إخراج السلطة الفلسطينية منه، إلا أن التطورات الدولية والإقليمية أطاحت به، ولقد تكيّف اللبنانيون مع هذه التطورات، فساهم قسم كبير منهم في التآمر على وثيقة الوفاق الوطني، سعياً وراء مكاسب شخصية أنانية على حساب الوطن ووحدة الدولة”.

أضاف: “بعد خروج السوريين من لبنان، دعموا، بالتعاون مع إيران حزب الله، ما كرّس وجود دويلة ضمن دولة لبنان، وأصبحت هذه الدويلة أقوى واغنى من الدولة الشرعية بعد أن صادرت قرارها الوطني. ونشأت في لبنان نتيجة ذلك مجتمعات مختلفة التقاليد والعادات واللباس والثقافات، ما دفعني للتساؤل كيف يمكننا المحافظة على وحدة لبنان، ما دمنا مختلفين في كل شيء، من السلطة، إلى السياسة الدفاعية، إلى السياسة الخارجية، إلى الثقافات، إلى التقاليد، إلى الولاء للوطن والدولة؟ لقد ثبت أننا كشعب يدّعي الثقافة والعلم، نفتقد لثقافة ممارسة المسؤولية ولواجب محاسبة من يتولى الأحكام باسمنا. فالمسؤولون هم ثمرة خياراتنا وقرارنا، وعلينا مسؤولية وطنية في انتقائهم، وعلى قرارنا يترتّب مستقبل دولتنا. فالتحدّي الأكبر في أن يحرّر اللبنانيون أنفسهم وإراداتهم من الوصايات المذهبية والطائفية والعائلية والحزبية والمصالح الخاصة، وأن يمارسوا حقّهم في اختيار ممثليهم، كمواطنين أحرار، بوعي وترفّع وحكمة ووطنية وإدراك لأهمية دورهم في حسن سير النظام. ودعوني أتساءل معكم، عمّا إذا كان تغيير النظام كفيل بحلّ مشكلة لبنان إذا استمرت العقلية السائدة دون تغيير؟ فماذا ينفع تغيير النظام في معالجة مشكلة الإشراك في الولاء للبنان وفي حلّ مشكلة السلاح غير الشرعي وقيام دولة ضمن الدولة؟ وماذا ينفع تغيير النظام إذا بقي المسؤولون غير خاضعين للمساءلة والحساب، وإذا بقي المواطنون يجدّدون لهم البيعة رغم فسادهم وارتكاباتهم وخياناتهم. وماذا ينفع تغيير النظام إذا بقي شعبنا منساقاً وراء مصالحه الشخصية وأسير انتماءاته الحزبية والطائفية والعائلية؟”.

وختم: “قد لا يكون نظامنا السياسي هو الأفضل في العالم، إلا أن الحكم عليه في ظل الظروف التي طبق فيها غير موضوعي وصحيح، فمنذ يوم إقراره في الطائف لم يسمح بتطبيقه بصدق. هناك ثغرات في النظام، يجب سدها بتعديلات دستورية لا تمس الأسس والمبادىء الأساسية التي قام عليها. في المقابل، أطرح السؤال الآتي: إذا أردنا تغيير هذا النظام فبأيّ نظام سنستبدله؟ بالفيديرالية، التي تطرحها بعض الأوساط الرافضة لهيمنة حزب الله على دولتنا، والرافضة لفرض طرق حياة متناقضة مع مفهومنا للحياة؟ أو بالتقسيم أو الكونفدرالية، أو باعتماد اللاطائفية دون التحضير لها؟ أما أنا، فإنني كنت وسأبقى مؤمناً بوحدة دولة لبنان وبنظامنا السياسي القادر على استيعاب التعددية الثقافية والدينية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.