51 سنة على وفاة جمال عبد الناصر

جمال عبد الناصر
0

لقد استلهم القائد جمال عبد الناصر فكره وتجربته من آلام الأمة ومعاناتها من التجزئة والاستبداد والاستعمار والاستغلال، وتطلعها الى الحرية والحياة الحرة الكريمة، وهذا هو السبب الأول الذي جعل جماهير الأمة تمنحه الولاء والوفاء والالتزام. فكانت الحرية هي حرية الوطن وحرية المواطن، وكانت الوحدة القائمة على العروبة الجامعة هي الهدف المركزي للأمة، وكانت العدالة والمساواة في المواطنة بما فيها العدالة الاجتماعية هي المضمون الجوهري للقومية العربية، وكان الاستقلال القومي جوهر سياسة عدم الانحياز من الثوابت الناصرية. وقبل كل هذا كان الإيمان الديني بجوهر الرسالات السماوية الخالدة هو الشمس التي تضيء معالم المسيرة الناصرية الثورية. لذلك كله لا عجب اذا بقيت هذه الفكرة مستمرة للمستقبل.

وبرغم انفلات الاستعمار الاطلسي ووحشيته لتدمير أركان الأمة بالاحتلال والتقسيم والتجزئة ومناصرة العدو الصهيوني إلى أبعد مدى، فإن أحرار الأمة أجهضوا الكثير من مخططاته ولا زالوا، فبرزت المقاومة العربية في فلسطين ولبنان والعراق، ونجح الشعب السوري وجيشه في استعادة وحدة سوريا وعروبتها ويتابع الطريق للتخلص من الجيوش الأجنبية على أرضه.

لقد تقدمت مسيرة توحيد الكيانات الوطنية إلى الأمام في ليبيا والعراق ولبنان ومصر، وانتصر مبدئياً الدم العربي الفلسطيني على مشروع وحيد القرن، وتحوّل الكيان الصهيوني الى حالة دفاعية محاصر من جبهتيّ المقاومة في لبنان وغزة.

إن القائد عبد الناصر ترك فكرا وتجربة لا زالت حتى اليوم وإلى ما شاء الله ملهمة للأجيال، خاصة وان التجارب الاخرى التي طرحت نفسها بديلا للناصرية قد اخفقت وفشلت في إنتاج تنمية مستدامة وأمن وطني بل اعتمدت على حمايات اجنبية وهمية. لقد فشلت الأممية الطائفية والأممية والعصبيات القطرية، وذلك كله يعيد انعاش فكرة التحرر والعروبة الجامعة وتجاوز الشقاق العربي بالتضامن العربي الفعال.

إن المتغيرات الدولية وابرزها تصدّع الأمبراطورية الاميركية سوف يضعف قوة الكيان الصهيوني، ويمنح المقاومات العربية قوة دفع الى الامام.

إن هذه المتغيرات الدولية تخفف من وطأة الهيمنة الاميركية على المنطقة بمقدار ما تكشف اوهام انظمة عربية بالاعتماد على الحماية الاجنبية بديلا من بناء القوة الذاتية العربية المستقلة التي تبقى الاساس للاستقلال القومي وحرية القرار القومي في حماية الامن القومي العربي.

إن مقولة القائد عبد الناصر “نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا”، تصلح لكل الاوقات والأزمنة، فلا اليمين المتحجر ولا اليسار المغامر هو الحل. ان الحل هو بالعروبة الجامعة كمعيار وبالتزام المصالح القومية للامة. واذا كانت القيود الاستعمارية ومخططاتها حاضرة ومستمرة الى حين، فالأمر يتوقف على ارادة العرب الاحرار لمواصلة النضال من اجل تحقيق كامل اهداف الامة في الحرية والوحدة والعدالة.

في ذكرى القائد المعلم نرفع التحية الى روحه الطاهرة، فالناصرية فكرة وثورة مستمرة.

بيان امانة السر العامة لمؤتمر العروبيين اللبنانيين حول الذكرى 51 لغياب القائد العربي الراحل

جمال عبد الناصر

في 28 أيلول 2021

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.