أشاد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بالاهتمام الذي يوليه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني “وقدرنا كم أن وجود سلطة تقرر هو مصدر الاستقرار والنمو. لكن هذه السلطة غير موجودة في لبنان بسبب عدم تطبيق اتفاق الطائف بالنص والروح، وبسبب سوء تطبيق ما طبق”.
وحيا الراعي في عظة، اليوم الأحد 11/12/2022، الملك عبدالله الثاني الذي التقاه، الأسبوع الماضي، في عمان: “كيف أنه يرتفع بالمملكة وشعبها في التقدم والرقي. وشكرناه على الجهود التي يبذلها من أجل مساعدة لبنان، وعلى المساعدات المتنوعة التي أرسلها إلى الشعب اللبناني بعد تفجير مرفأ بيروت. ما يوطد العلاقة التاريخية بين المملكة ولبنان، وبينها وبين البطريركية المارونية”.
وقال الراعي: “إننا نذكر نواب الأمة عندنا ومتعاطي الشأن السياسي، أن أساس قيام لبنان سنة 1920 هو التعددية الثقافية والدينية في الوحدة، وأساسه إثر الاستقلال هو الميثاق الوطني بالعيش معا في المساواة، وأساسه بعد اتفاق الطائف هو إعادة توزيع أدوار الطوائف، بحيث تقول مقدمة الدستور: “لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”. إن كل ما تقوم به الجماعة السياسية والنيابية يسري خلاف هذه الأسس. فهي لا تحترم فكرة قيام لبنان، ولا الشراكة، ولا التعددية، ولا الاستقلال، ولا الميثاق الوطني، ولا الطائف ودستوره”.
وسأل الراعي: “هل الهدف من هذا السلوك المعيب هو القضاء على خصوصية لبنان وقيمه ونظامه؟ وهل يوجد قرار متخذ عن سابق تصور وتصميم لهدم لبنان القائم، والبناء على أطلاله مسودة دولة لا تنتمي إلى شعبها ولا إلى تاريخها ولا إلى محيطها؟.
كيف يحكم النواب على ذواتهم وهم يجتمعون تسع مرات ولا ينتخبون رئيساً للجمهورية؟ هذا يعني أنهم لا يريدون انتخاب رئيس، أو ليسوا أهلاً لانتخاب رئيس، وبالتالي يطعنون بوجود الجمهورية اللبنانية، ويفقدون ثقة الشعب واحترام الدول الشقيقة والصديقة التي تعمل على إنقاذ لبنان. أليست جلسات المجلس النيابي، كما هي قائمة، لإيهام الشعب والعالم بأنهم يجتمعون لانتخاب الرئيس، وهم يخدعون ويموّهون؟”.
وقال الراعي: “من هنا ضرورة التوجه إلى الأمم المتحدة ودول القرار لإنقاذ لبنان قبل فوات الأوان. لا مناص من تدويل القضية اللبنانية بعد فشل كل الحلول الداخلية. واللافت أن الذين يفشّ٠لون الحلول الداخلية هم أولئك الذين يرفضون التدويل. وحين يتم تعطيل الحل الداخلي ويُرفض التدويل يعني أن هؤلاء الأطراف لا يريدون أي حل للوضع اللبناني. إما يكون لبنان كما يريدون أو لا يكون. لكن يجب أن يعلم الجميع أن لبنان سيكون كما يريده جميع أبنائه المخلصين”.
وفي حديثه عن المعارضة “القوية” التي لقيها اجتماع الحكومة الإثنين المنصرم “بالحد الأدنى من الوزراء وبالحد الأقصى من جدول الأعمال، ومن دون التوقف عند التمثيل الميثاقي في الجلسة”، لاحظ اتخاذ «المعارضة بعداً دستورياً وسياسياً وطائفياً خشينا حصوله قبل وقوعه ونبهنا إليه وتمنينا على دولة رئيس الحكومة إعادة النظر في انعقاد الجلسة وتأجيلها من أجل مزيد من التشاور، ولتحديد صلاحيات حكومة مستقيلة وتصرف الأعمال في غياب رئيس الجمهورية، لكن الحكومة مع الأسف عقدت جلستها بمن حضر وكان ما كان من معارضة”.
وخلص الراعي مناشداً “الحكومة التأنّي في استعمال الصلاحيات حرصاً على الوحدة الوطنية ومنعاً لاستغلال البعض مثل هذه الاجتماعات لأغراض سياسية وطائفية، وأفضل ما يمكن أن تقوم به الحكومة، لا سيما رئيسها، هو العمل على الصعيد العربي والدولي لتسريع انتخاب رئيس للجمهورية. هذا هو الحل فيما البلاد تتدهور. إن البطريركية المارونية لا تتورط بالصراعات بين السياسيين والأحزاب. مواقفها تبقى فوق النزاعات والتنافس السياسي، ولا تنحاز إلا إلى الحق الوطني”.