أبدى العلّامة السيد علي فضل الله خشيته من “أن تتوالى الانهيارات في البلد من خلال صمت الناس التي تتقبل الأوضاع على طريقة المسكنات”، مشيراً إلى “أن الاستمرار في تقبل الاذلال الحاصل قد يكون نوعا من الشراكة في الاعتداء الذي يتم على مصالح الناس” واستنكر الجريمة التي استهدفت عائلة مسلمة في كندا.
وعن مستقبل الوضع الراهن في البلد، قال فضل الله، في درس التفسير القرآني: “يبدو أن ما يصيب البلد من شلل متصاعد في مختلف قطاعات الدولة وفي المؤسسات العامة – يحظى بتوافق غير معلن من كثير من الأفرقاء الذين يمثلون الطبقة السياسية في لبنان، فهم وإن اختلفوا في كل ما يتصل بمصالحهم الخاصة، إلا أنهم متفقون في العمق على أن تتحمل الناس تبعات كل هذا الانهيار، حتى وإن أدى الأمر إلى الفوضى العارمة التي يتحدث عنها الجميع.
أضاف: “أما ما يحدث من تمديد للأزمات على النحو المتصل بالكهرباء وغيرها، فهو بمثابة المسكنات النموذجية التي تعطى لمريض لا يملك رفضها لأنه لا يملك الاحتجاج على وضعه وتغيير نمط حركته، وأخشى من أن هذا الترويض الذي اعتادت عليه الناس وهذا الصمت المريب حيال كل هذا الانهيار بات يغري السياسيين من جهة، والجهات المختصة بالاحتكار باللعب على التوترات السياسية والأزمات المعيشية الكبرى، والاستمرار في هذا الصراع العبثي الذي يستفز كل المخلصين الحرصاء على إنقاذ البلد وإبعاد شبح المجاعة القادم”.
وتابع: “إننا لا نفاجأ من اعتماد هذا الأسلوب القاتل في تعطيل الحلول لحسابات مصالح فئوية وطائفية على حساب المصير الوطني والشعبي، ولكننا نتساءل على ضوء ذلك عن اللحظة التي ستندفع فيها الناس لتقول كلمتها النهائية وتخرج من الأنفاق المذهبية والطائفية والحسابات السياسية الضيقة التي اختنقت بها، لأن استمرارها في تقبل هذا الإذلال المخيف يجعل أزماتها تتراكم وقد تكون شريكة فيما يرتكب حيالها من اعتداء على حقوقها وحتى على مصيرها ومصير الأجيال القادمة”.
ودعا فضل الله إلى “حراك حي يقوم على أنقاض كل العناوين السابقة، وأن ينطلق من مواقع شعبية عفوية لا يحركها إلا وجعها وشعورها بأن المستقبل يهرب من أمامها وأن مصيرها بات في المجهول، ولا يحتمل ذلك التراخي أو انتظار الحلول التي لن تأتي من الخارج، وحتى من الطبقة السياسية في الداخل التي لن تأتي بالمعالجة الجذرية للمشكلة المتفاقمة وهي التي صنعتها وساهمت في الاستفادة منها، وجل ما تطرحه الحفاظ على مصالحها الخاصة ومحاولة احتواء نقمة الشارع من خلال دغدغة المشاعر الطائفية والمذهبية أو إغراء الناس ببعض المسكنات الموقتة التي لن تمنع من الانهيار القادم وإن أخرته إلى أمد قصير”.
من جهة أخرى، استنكر السيد فضل الله “الاعتداء العنصري الذي حصل ضد عائلة مسلمة في كندا وأدى الى سقوط عدد من الضحايا”، مشيرا إلى “أننا ندين أي اعتداء يستهدف الأبرياء بعيدا عن دينهم وعرقهم”.
وطالب هذه الدول بضرورة “العمل على معالجة هذه الآفات من خلال الدور الكبير الذي تلعبه وسائل الإعلام والمحاكمات الجدية للمرتكبين لتطويق حالات التطرف والعنصرية وعدم تحميل المسلمين بعض الأخطاء أو الأعمال التي قد تصدر عن بعض الافراد”.
وشدد السيد فضل الله على “ضرورة احترام القوانين والأنظمة واستقرار البلدان التي يهاجر إليها المسلمون وندعوهم إلى عدم التقوقع في مجتمعات مغلقة، بل إلى التفاعل مع قضايا هذه الأوطان وشعوبها مع الحفاظ على هويتهم الإسلامية”، مؤكدين ضرورة أن يقدموا الصورة الحقيقة للإسلام حتى يزيلوا كل الهواجس التي تثار ضدهم”.