طَلَبُ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر دعم لبنان وشعبه في باريس، إنهاء الفراغ السياسي “وتصحيحه لمنع دخول لبنان في دوامة سيقع فيها الجميع، ويستحق اللبنانيون قيام حكومة مسؤولة تضع في أولوياتها مصالح البلد”، يأتي في وقت دقيق وحرج.
هذا الكلام الذي يقوله رئيس أكبر دولة عربية، هي مصر، ليس من فراغ، ذلك لما له من سعة اطلاع بفعل دور ومكانة بلاده التي يقصدها، دوماً، كبار المسؤولين اللبنانيين وآخرهم قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي التقاه السيسي وأجرى معه جولة محادثات حول سبل الخروج من المأزق، وقبل ذلك بأيام استقبله الرئيس الفرنسي إيمانول ماكرون، وفي عيد الجيش اتصل به رئيس مجلس النواب نبيه بري مهنئا.
وتحاول القاهرة، من خلال علاقاتها القوية ببيروت، أن تقنع الأطراف بما هو لمصلحة لبنان بعدما بلغ السيل الزبى باقتراب الوطن الجميل من حافة انهيار استشعره الرئيس المصري واللبنانيون يتلهون بسعر الدولار والتصريحات التي لا طائل منها بشأن كل الملفات المعروفة لديهم بديهيا.
في المجالس المغلقة يتم التداول بكلام كثير اقله أن ما بلغه لبنان كان يمكن تفاديه، لكن الحسابات المحلية القائمة على الحسابات الشخصية أقوى.
بصراحة.. لبنان الى أين؟..
سؤال مطروح والإجابة عليه أوحى بها الرئيس المكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي عندما صرّح، منذ ايام، أن الشعب اللبناني “زهق من المحاصصة” وتحدث عن “اهمية إعلاء المصلحة العليا للبنان”.. ثم قال في اللحظة عينها: “ولكن أنا مضطر للحفاظ على نفس الطوائف والمذاهب التي كانت في الحكومة السابقة”..
حديث ميقاتي يعني ان الوضع سيبقى كما هو عليه، الأمر الذي يعيق تشكيل حكومة خبرات بعيداً عن حصص المذاهب والطوائف كما كان يرغب سلفه المعتذر الرئيس سعد الحريري الذي عُرقِلَتْ طموحاته وحُطّمَتْ أمام تلك التجاذبات الطائفية..
واضحٌ أن الجسد اللبناني لم يعد يتحمل تلك الوعكة السياسية – الاقتصادية التي ستؤدي الى إفشال الدولة لتبقى تصريحات قائد الجيش اللبناني الأخيرة، أثناء زيارته للكلية الحربية، هي فقط ما يُعَوّلُ عليها. نعم الجيش اللبناني أمامه مسؤولية ضخمة يجب ان يتحملها..
في لبنان فتّش عن الأصابع الدولية.
منصور شعبان