إستهل العلّامة السيد علي فضل الله خطبة صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك “من الحادثة الأليمة التي جرت في الطيونة حيث لا يزال اللبنانيون ولا سيما أهالي الشهداء والمصابين ينتظرون، وبفارغ الصبر، ما سيؤول إليه التحقيق، لمعرفة حقيقية ما جرى ومحاسبة كل من تسبب بهذه المجزرة التي كادت، لولا صبر الأهالي ووعي القيادات المسؤولة، أن تفجر صراعا طائفيا داميا وتودي بالسلم الأهلي والوحدة الداخلية. ونحن في هذا المجال، نشدد على القضاء الإسراع في التحقيق، والذي نريده أن يكون جادا وشفافا، وبعيدا من التسييس وأي حسابات طائفية، وأن تأخذ بعد ذلك العدالة مجراها بحق من تسبب بهذه الكارثة الوطنية حتى يطمئن اللبنانيون بأن منطق العدالة سيسود في هذا البلد، وإن ما حصل لن يتكرر ولتتبدد عندهم كل الهواجس والمخاوف التي أثيرت وسوقت بأن هناك من يريد استهداف مناطق معينة أو هذا الفريق أو ذاك والذي إن استمر سيترك آثارا خطيرة في نسيج العلاقات الداخلية بين اللبنانيين، وسيعيد إنتاج خطوط التماس مجددا بين المناطق اللبنانية. وهنا نأمل أن يدعو ما جرى القوى السياسية إلى وعي خطورة استخدام السلاح في الداخل لعلاج المشاكل التي تحدث فيما بينها، والذي لن يكون فيه رابح حتى لو خيل له ذلك بل الكل فيه خاسرون، ومن هنا فإننا ندعو كل هذه القوى ومهما بلغ التأزم، أن تترك إلى الأجهزة الأمنية معالجة أي ثغرة قد تحصل من وراء ذلك”.
وتابع: “وهنا ندعو الدولة إلى أن تكون حازمة وجادة وعادلة في اتخاذ الإجراءات الرادعة بحق كل من تسول له نفسه العبث بالسلم الأهلي واستباحة الأرواح والممتلكات، وأن ليس عندها في ذلك من هو ابن ست وابن جارية، وأن الكل أمام العدالة سواء. وفي هذا الإطار، نعيد التأكيد على كل من يملك منابر أو مواقع إعلامية ومواقع تواصل إلى الرأفة بأعصاب اللبنانيين وبأمنهم واستقرارهم، باعتماد الخطاب المتوازن والعقلاني والموضوعي، والابتعاد عما يؤدي إلى خلق مناخات توتر يستفيد منها من يسعى لإثارة الفتنة في الداخل لحسابه أو لحسابات خارجية يعمل لها”.
وأكد ان “على اللبنانيين أن يعوا أن لا خيار لهم في هذا البلد إلا التواصل والتعاون والعمل المشترك، فقد جرب البعض سياسة الإقصاء أو الإلغاء أو الاستقواء بالداخل أو الخارج على شركاء الوطن، وأدى ذلك إلى كوارث لا يزال لبنان يعاني تداعياتها”.
وقال: “في هذا الوقت، يدخل البلد في أجواء الانتخابات، والتي مع الأسف صارت تعني أن نشهد تصعيدا للخطاب السياسي والطائفي والتراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات ونبش الملفات القديمة واللعب على الوتر المذهبي والحزبي، لينسى الناس معها همومهم المعيشية وآلامهم ومعاناتهم ويعودون إلى مواقعهم الطائفية والمذهبية ليتصدر بذلك التصويت الطائفي الغرائزي على التصويت العقلاني الذي يحاسب من تولوا المسؤوليات في السابق ويدرس جيدا من يتقدمون إلى مواقع المسؤولية، ليختار من ينقلهم إلى واقع أفضل”.
واشار الى انه “في هذا الوقت تعود إلى الواجهة معاناة اللبنانيين على الصعيد المعيشي والحياتي، في ظل استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار، والغلاء الفاحش لأسعار السلع والخدمات لا سيما في أسعار البنزين والمازوت والغاز والكهرباء وكلفة الاستشفاء والنقل، ما لا طاقة للبنانيين على تحمله ويخشى من تداعياته على أمنهم واستقرارهم، فيما يبدو أن باب المعالجات التي ينتظرها اللبنانيون ليس مفتوحا في ظل التأزم الداخلي، وبعدما أصبح واضحا عدم استعداد الخارج لتقديم أي مساعدات قد تؤدي لحل بعض أزمات البلد”.
وعن البطاقة التمويلية، قال فضل الله: “كنا نأمل أن تخفف من تداعيات هذه الأزمة على من هم أشد فقرا، فإنها تنتظر تمويلا ليس متوافرا وقد لا يتوافر”.
وقال: “إننا أمام ما جرى، نحذر كل من هم في مواقع المسؤولية من استمرار التعامل ببرودة مع هذا الواقع الصعب الذي بات يفرغ البلد من أهله ويجعلهم يتسكعون في بلاد الله الواسعة، أو أن يعيشوا تحت وطأة الفقر بكل تداعياته الاجتماعية والأمنية”.
وتوقف “عند التفجير الذي حدث في دمشق، والذي نرى فيه استمرارا للعمل على استهداف الاستقرار في سوريا وسعي الدولة لاستعادة الأمن على كل أراضيها وجعله مشرعا على الفوضى وتدخلات من لا يريدون خيرا بها، إننا في الوقت الذي ندين هذا التفجير، ندعو الشعب السوري إلى التوحد والتراص في مواجهة كل العابثين بأمن بلدهم واستقراره ونهوضه، ليعود لسوريا حضورها الريادي في القضايا العربية والإسلامية”.