عقد، اليوم السبت 11/12/2021، المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى جلسة، برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في دار الفتوى، حضرها رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وتم التداول بالشؤون الإسلامية والوطنية وآخر المستجدات على الساحة اللبنانية والعربية، وقد أطلع ميقاتي المجلس على “الأعمال التي تقوم بها حكومته في شتى الميادين”.
وأبدى المجلس، في بيان، تلاه محمد مراد، قلقه: “الشديد جراء مواصلة السير في طريق مسدود وبعيون مغلقة، مع استمرار التدهور الحاد في الأوضاع الاجتماعية والمعيشية التي يعاني منها المواطن اللبناني حتى وصل إلى درجة لا تحتمل من الفقر المدقع، فالحكومة تتألف ولا تجتمع، ومجلس النواب يشرع ولا من ينفذ، والقضاء يحقق ولا يحكم، والإدارات تدرس ولا تقرر، والعملة تنهار ولا من يحاسب، وصرخات الجوع ترتفع ولا من يسمع أو يرتدع”.
وتابع: “فاليوم هو أسوأ من الأمس. وغداً محفوف بظلام الإهمال والتكاذب وسوء التدبير. مع ذلك يتصرف المسؤولون، هل هم مسؤولون حقاً؟، وكأن كل شيء على أحسن ما يكون. والواقع هو ان الهبوط في الهاوية يكاد يبلغ مرحلة الارتطام الخطير”.
أضاف: “ان هذا الواقع المأساوي الذي يندى له جبين الوطن خجلا، لم يأت من فراغ، انه صناعة محلية على أيدي الفاسدين المفسدين من بعض من تول الشأن العام، فانشغلوا بشؤونهم الخاصة والناس تعاني من الجوع، وهم يشكون من التخمة، الناس تبحث عن بقايا مدخراتها المنهوبة، وهم ينعمون بما حولوه الى المصارف الخارجية. ان إدارة الشأن العام في كل مجتمعات العالم تقوم على أساس ان الحكم أمانة، ولكن ما جرى ويجري في لبنان أبعد ما يكون عن الأمانة بكرامات الناس وحقوقهم الشخصية والوطنية”.
وناشد المجتمعون: “من هم في السلطة أن يخشوا الله سبحانه وتعالى في مواقفهم وقراراتهم وسلوكهم، وأن يعيدوا الحقوق المسلوبة لأصحابها، معنوية كانت هذه الحقوق أو مادية. وأن يكفوا عن الصراع مع اللاشيء الذي أوصلوا البلاد اليه”.
ورأى أن “التاريخ سوف يحاسب أولئك الذين تسببوا في وقوع هذه الكارثة الإنسانية والوطنية، التي جعلت من كل لبناني مهاجراً أو مشروع مهاجر، والتي حولت لبنان من منبر للحرية والكرامة الى حقل ألغام مفتوح على كل الانفجارات وأن تصحيح صورة لبنان عربياً ودولياً تبدأ بتصحيح صورته الداخلية وطنيا، بحيث تستعيد الدولة سيادتها على قراراتها، وعلى ذاتها، وعلى أراضيها، أمنيا وسياسيا. وأن تستعيد هويتها العربية ودورها في الأسرة العربية، بحيث لا تسمح ولا تسكت عن أي تواطؤ أو طعن لأي من الأشقاء في الظهر لحسابات ومصالح جهات خارجية أيا كانت. لقد دفع لبنان غاليا جدا ثمن استخدامه مسرحا لصراعات الآخرين. ومن حق أبنائه أن يعيشوا بسلام مع إخوانهم وأصدقائهم، ومع أنفسهم في الدرجة الأولى. فلبنان يكون ركنا من أركان الأسرة العربية أو لا يكون، وسيكون بإرادة اللبنانيين جميعا”.
وتابع: “أن المجلس الشرعي يجدد دعمه ووقوفه الى جانب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يعمل جاهدا للخروج من المأزق الذي يعيشه لبنان في علاقاته مع أشقائه العرب وبخاصة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، ويتوسم خيرا بنتائج المباحثات الفرنسية السعودية في ما يتعلق بلبنان والعلاقة التي تربطه بالمملكة العربية السعودية والمساعي الطيبة التي قام ويقوم بها الرئيس نجيب ميقاتي لعودة العلاقات الأخوية بين لبنان والسعودية الى طبيعتها وتعزيزها، والعمل سويا لترسيخها بين البلدين الشقيقين، والتشدد من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية المختصة والقضائية في مكافحة آفة المخدرات ومنع تهريبها الى الدول الشقيقة والصديقة”.
وأكد المجلس الشرعي “ان الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي هم صمام أمان لعروبة لبنان وسيادته وحريته واحتضانهم له يؤكد عودة لبنان الى عمقه العربي والالتزام قولا وفعلا بتنفيذ كل بنود اتفاق الطائف. فلبنان بلد عربي ولا شيء غير ذلك، فهو جزء لا ينفصم عن مساحة الوطن العربي الكبير”.
وسأل: “لماذا هناك إصرار على محاكمة الرؤساء والوزراء في قضية انفجار مرفأ بيروت من خلال المجلس العدلي، رغم ان الدستور واضح للعيان ان محاكمتهم تكون من خلال المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، كما هو الحال في محاكمة القضاة الذين يحاكمون وفق أصول خاصة” ودعا “الجهات القضائية المختصة الى التبصر الى مآلات الأمور”.
وتمنى المجلس الشرعي على الرئيس ميقاتي “توجيه دعوة لانعقاد جلسة لمجلس الوزراء في الوقت الذي يراه مناسبا لمعالجة كل الأزمات المتنوعة التي يمر بها لبنان داخليا وخارجيا، واتخاذ القرارات الجامعة في مجلس الوزراء، المكان الطبيعي لتنفيذ بنود البيان الوزاري وحل مشاكل المواطنين المتراكمة، وبخاصة في ما يتعلق بالشؤون المعيشية والاجتماعية والاقتصادية”.