إستقبل، صباح اليوم الخميس 22/04/2021، البابا فرنسيس،في الكرسي الرسولي بالفاتيكان، رئيس الحكومة المكلف تأليفها سعد الحريري، بحضور الوفد المرافق المؤلف من الوزير السابق الدكتور غطاس خوري والمستشار الدكتور باسم الشاب، حيث تم التداول بتاريخ العلاقات بين الكرسي الرسولي ولبنان والدور الذي يمكن أن يضطلع به الفاتيكان لمساعدة لبنان على مواجهة الازمات التي يمر بها.
وأعقب ذلك اجتماع، استغرق تسعين دقيقة، عقده الرئيس الحريري مع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين وأمين سر الدولة للعلاقات مع الدول المطران بول ريتشارد غالاغير، تم خلاله التطرق الى القضايا الراهنة ذات الاهتمام الثنائي.
وتلا اللقاءات تصريح اختتم به الحريري محادثاته الفاتيكانية بقوله:
“تشرفت اليوم بزيارة قداسة البابا، وشرحت له المشاكل التي نعاني منها في لبنان، وقد وجدت قداسته يعرف هذه المشاكل القائمة في لبنان الذي هو بحاجة لمساعدة كل أصدقائه، وهذا ما طلبته من قداسته. وكان بدوره متفهما ومشجعا على أن نتمكن من تشكيل حكومة. كما كان حريصا على زيارة لبنان ولكن فقط بعدما تتشكل الحكومة. وهذه رسالة إلى اللبنانيين بأنه علينا أن نشكل حكومة لكي تجتمع جميع القوى والدول لمساعدتنا ونتمكن من النهوض بلبنان مع أصدقائنا. كذلك اجتمعت مطولا مع وزير الدولة ووزير الخارجية، وتحدثنا في كل المشاكل التي نعاني منها، وهم يفهمون ويعرفون من يعطل ومن لا يعطل. كما تباحثنا بالأمور التي يمكن أن نتساعد بها في ما بيننا لإنهاء هذه الأزمة وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن. وإن شاء الله ستكون هناك زيارات من الفاتيكان إلى لبنان ضمن إطار محاولة حلحلة الأمور”.
وعما إذا كان الفاتيكان أو البابا سيبادر في مجال تشكيل الحكومة أجاب: “أظن أن الحوار هو الأساس، والحوار الذي يقومون به أساسي وكذلك مجيئهم إلى لبنان. لكن ما يهمني هو ما قاله قداسة البابا من أنه يرغب بالمجيء إلى لبنان بعد تشكيل الحكومة، فهذه رسالة إلى كل اللبنانيين وكل الأفرقاء السياسيين بأن علينا الإسراع بتشكيل الحكومة”.
سئل: هل يعلمون في الفاتيكان أن الصراع في لبنان سياسي وليس طائفيا، بعكس ما يوحي به بعض الافرقاء في لبنان من أن معركتهم هي حقوق المسيحيين؟ هل عاتبكم قداسة البابا أو طلب منكم الحرص على حقوق المسحيين في لبنان؟
أجاب: “لم أسمع أي كلام من هذا النوع. قداسة البابا كان حريصا على وحدة لبنان والعيش المشترك فيه، وقداسته ينظر إلى اللبنانيين كجسم واحد، وينظر إلى لبنان على أنه رسالة ينبثق منها الاعتدال والعيش المشترك والواحد، وأن نكون كلبنانيين جسما واحدا. ولكن للأسف، هناك بعض الأفرقاء في لبنان يستخدمون هذا الأسلوب لضرب أي زيارة. وعلى العكس، أنا أرى أن هذا الكلام مردود عليهم في لبنان”.
سئل: هل المشاكل التي تعرقل تشكيل الحكومة داخلية أم خارجية؟
أجاب: “أنا أقول إن هناك مشاكل خارجية تتعلق بجبران وحلفائه، ولكن الأساس هو أن هناك فريقا أساسيا في لبنان يعطل تشكيل هذه الحكومة، وهذا الفريق معروف من هو”.
سئل: “حزب الله” أم “التيار الوطني الحر”؟
أجاب: “أنا أرى أن اللبنانيين يعرفون ويفهمون من يعطل، وأساسا المجتمع الدولي بات يفهم من يعطل هذه الحكومة”.
سئل: هل لدى الفاتيكان صورة واضحة عما يجري في لبنان وعمن يقف بالفعل وراء عرقلة الأمور؟
أجاب: “أظن أن الفاتيكان يعرف أكثر مني ومنكم المشاكل في لبنان، والموضوع سياسي وليس طائفيا أو مذهبيا. الخلاف في لبنان اليوم على وجهتي نظر اقتصاديتين: الأولى تريد وضع يدها على كل شيء في البلد، من القطاع المصرفي إلى القطاع الإنتاجي والاتصالات وكل شيء آخر، بحجة أنهم هم يريدون السيطرة على هذه الأمور ومراقبتها، وهناك فريق يؤمن بالاقتصاد الحر وبالتواصل مع كل العالم وليس فقط مع دولة أو اثنتين او ثلاثة. نحن نريد اقتصادا حرا ونريد أن نعمل مع أميركا وأوروبا والصين وروسيا وكل دول العالم، مقابل فريق لا يريد العمل إلا مع جهة واحدة، وهناك فريق لبناني يدعم هذا الفريق الأخير”.
سئل: نقل عن مصادر بكركي أنها تتفهم حق رئيس الجمهورية بتسمية الوزراء المسيحيين، فهل هذا المطلب سمعته اليوم من الفاتيكان بالحرص على تسمية الوزراء المسيحيين من قبل رئيس الجمهورية وليس من قبلك؟
أجاب: “الغريب أن الرسالة التي وصلتني من البطريرك أنه يدعم حكومة مستقلين اختصاصيين لكي تقوم بعملها، ولم أسمع أي كلام مختلف عن ذلك. هذه المصادر التي تتحدثون عنها معروفة ومعروف من سربها”.
سئل: لقاءاتك اليوم في الفاتيكان كانت مطولة وتم تمديدها، على عكس ما هو معتاد في الفاتيكان، فهل يمكن أن نسمع في القريب العاجل عن مبادرة من الفاتيكان بعدما كانت هناك مبادرة فرنسية ومن ثم روسية؟
أجاب: “أنا أرى أن المبادرة الفرنسية ما زالت قائمة لأنها مبنية على حلول واضحة سريعة وتصيب الأمور الأساسية في الاقتصاد اللبناني لوقف هذه الانهيار الحاصل. علينا أن نوحد كل المبادرات التي تأتي إلى لبنان تحت مصلحة البلد، ففي النهاية، لمصلحة من هذه المبادرات؟ هل لمصلحة فرنسا أو الفاتيكان أم لمصلحة لبنان والحفاظ على الكيان اللبناني؟ والاجتماعات كانت طويلة لأن المشاكل كبيرة أساسا”.
سئل: هل طلبتم من الفاتيكان أي تدخل مع أي دول قد تكون مؤثرة بالوضع في لبنان؟ أم طلبتم التدخل لدى فريق لبناني مسيحي هو “التيار الوطني الحر” للضغط عليه للتفاهم في موضوع الحكومة؟
أجاب: “طلبت من الفاتيكان أن يكون حريصا على لبنان وأن يتدخل حيث يرى إمكانية أن يتدخل ويكون فعالا، فهذا ما يهم لبنان واللبنانيين. بعض السياسيين في لبنان يحاولون أن يوحوا وكأننا غير قادرين على الخروج من هذه الأزمة أو أن الأزمة ستقوض البلد. كلا، نحن بالتأكيد في وضع سيىء جدا، لكن حين نتمكن من تشكيل حكومة سنتمكن من وقف هذا الانهيار، وهناك من يحاول أن يمنعنا من وقف الانهيار أصلا لأنهم يريدون للبنان أن ينهار كي يبقوا موجودين في السياسة”.
سئل: ماذا تقول لرئيس الجمهورية الذي كلما سئل عن تشكيل الحكومة يقول إنه ينتظر عودتكم من زياراتكم الخارجية التي وصفها بالسياحة الخارجية؟
أجاب: “لنقل إنني شكلت حكومة غدا، فما الذي سأقوم به فور التشكيل؟ أليس زيارة هذه الدول لكي أبدأ بالعمل معها لإعداد برنامج لصندوق النقد الدولي والإتيان بمساعدات إلى لبنان وطلب المساعدة من أوروبا والدول العربية. ما أقوم به اليوم هو استباق لتشكيل الحكومة، وحين أشكل الحكومة أباشر فورا بالعمل وأكون قد تحدثت سلفا مع كل الأفرقاء الذين سيأتون إلى لبنان وحينها نتمكن جميعا من النهوض بلبنان. المشكلة بهذا الكلام أنه يسيء للدول التي أزورها، ففعليا هذه الدول تريد أن تساعد لبنان وأن يكون لها دور في إنعاشه وإنقاذه، فيتحدثون في الصحافة اللبنانية أنني أقوم بالسياحة. كلا أنا لا أذهب في سياحة بل أعمل لأحقق أهدافا محددة، وربما هم بسياحة في القصر الجمهوري”.