أكد بطريرك انطاكيا وسائر المشرق مار بشارة بطرس الراعي بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال: “لا يوجد مبرر اساسي لعدم تشكيل حكومة في ظل الواقع الحالي” وشدد على ضرورة “عدم التراشق بالمسؤوليات لأن ذلك لن يشكل حكومة بل يزيد من حدة المشاكل”.
ولفت البطريرك الراعي الى ان الحكومة هي العمود الفقري للدولة، ولا يجوز غيابها في هذه الأيام، فأكثر من نصف الشعب اللبناني أصبح فقيراً وأشار على أن لبنان لا يمكن أن يكون معبراً للتهريب الذي يفقد وجهه الحضاري.
ورداً على سؤال أكد البطريرك الراعي ان “الفاتيكان وبكركي لا يهاجمان أحداً، بل هم يهاجموننا”.
البطريرك الراعي زار، التاسعة صباح اليوم الإثنين 26/04/2021، القصر الجمهوري حيث استغرق لقاؤه والرئيس عون ساعة ونصف الساعة.
بعد اللقاء تحدث البطريرك الراعي الى الاعلاميين، فقال: “نحن نستنكر الاعتداء على اي اعلامي، ولكن في المقابل، أنا أؤكد ما اشارت اليه وزيرة الاعلام ايضاً ان على الاعلاميين أن يعرفوا حدودهم، فالبعض منهم يتصرف بطريقة غير لائقة والبعض الآخر يستعمل وسائل التواصل الاجتماعي كما يناسبه ويسمح لنفسه بتوجيه الاساءة الى الناس. أنا احييكم كإعلاميين، لأن الكنيسة تقول ان الإعلام عطية من الله للبشرية، فالإعلام جعل من الكرة الارضية قرية واحدة”.
أضاف: “تشرفت اليوم بلقاء رئيس الجمهورية، وجئت لأشكره على زيارته للتهانئ بمناسبة عيد الفصح المجيد، ونحن بدورنا اليوم نهنئ بالفصح الارثوذوكسي. وتم خلال اللقاء التداول بالموضوع الاساسي وهو ضرورة تأليف حكومة، وتذليل الصعوبات أمام هذا التأليف، لأنه لا يوجد اي مبرر اساسي لعدم تشكيل حكومة في ظل الواقع الحالي. فالبلد ينهار يوما بعد يوم، والحكومة هي العمود الفقري للبلد، وعندما ينهار العمود الفقري في الجسد تنهار جميع اعضائه وتخور. فلا يجب ان نتراشق بالمسؤوليات، فذلك لا يؤدي الى تأليف حكومة بل يزيد من حدة المشاكل”.
وتابع: “تم خلال اللقاء أيضاً التطرق الى العديد من القضايا، ونتائج عدم تأليف الحكومة، مثل زيادة الفقر والجوع. فأكثر من نصف الشعب اللبناني اصبح تحت خط الفقر، في وقت كانت نسبة الطبقة المتوسطة في لبنان 80% حتى عام 1980. لذلك كان هناك استقرار، اما اليوم فقد غابت هذه الطبقة وهذا دليل على انهيار لبنان”.
ولفت الراعي الى انه تم البحث خلال اللقاء بموضوع “القضاء واستقلاليته، وضرورة عدم حصول اي فراغ في هذا السلك، واجراء تشكيلات قضائية. وشددنا على كرامة القضاء وكرامة القاضي ونزاهته وحريته، مع عدم إنتماء هذا القاضي الى اي فئة من الفئات، وضرورة عدم التدخل بشؤون القضاة، فيستطيع عند ذلك القاضي العمل بحسب ضميره والعدالة.”
وأكد البطريرك الراعي ان موضوع التهريب الذي يشوّه وجه لبنان كان من المواضيع التي طرحت خلال اللقاء ، “لاسيما وأن لبنان اصبح معبراً للمخدرات ولتهريب حبوب الكبتاغون الى الخليج عبر السعودية التي اقفلت الباب بوجهنا. ونحن نعلم ان 80% من منتوجاتنا الزراعية تصدّر الى الخليج، وسيعقد اليوم اجتماع في قصر بعبدا حول هذا الموضوع برئاسة فخامة الرئيس، ولكن نحن لا يمكننا تحمّل الخسارة، فأجهزة الدولة مسؤولة، ولكن اين هي اجهزة الرقابة؟ لا يمكن ان يشكل لبنان مركزاً للتهريب وتبقى حدوده الشرقية والشمالية مفتوحة دخولاً وخروجاً لذلك. فلا يمكن للبنان ان يكون معبراً، كما رأينا بالامس الى السعودية وبعدها الى اليونان. فليس هذا هو وجهه الحضاري. أنا اعلم ان كل هذه الامور يحملها الرئيس عون في قلبه، ولكن علينا القول ان كل هذا يمسّ بكرامة اللبنانيين. والضحية الكبيرة هم المزارعون الذين يعانون حيناً من العوامل الطبيعية، وأحياناً أخرى من الامراض، ثم الجراد، واليوم زادت المعاناة جراء التهريب. فعنصر الزراعة هو عنصر اساسي في الاقتصاد اللبناني. وانا اشدد هنا على أنه لا يجب عند تناول اي مشكلة ادارية او قضائية او مؤسساتية أن نلبسها وجهاً طائفياً، فهذا امر غير مقبول. نحن نريد ان نعيش مجتمعاً متنوعاً متعدداً ونحترم بعضنا البعض وهذا التنوع. وللاعلام دور كبير في هذا الاطار، عبر التوقف عن الشحن. نحن نريد ان نعيش براحة بعيداً عن هذه التوترات. وعليكم كإعلاميين المساهمة بذلك، بإطفاء النار وعدم تغذيتها بالوقود”.