ترأس شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن اجتماع الهيئة العامة للمجلس المذهبي في دار الطائفة في بيروت، في حضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط، والنواب: هادي أبو الحسن، فيصل الصايغ، وائل أبو فاعور، والنائب السابق غازي العريضي، ورئيس وأعضاء قضاة المذهب الدرزي وأعضاء المجلس، حيث جرى عرض لمختلف الأوضاع العامة وشؤون المجلس وأعمال لجانه.
وألقى جنبلاط قال: “بعد 80 عاما استعدتم كمجلس مذهبي حق الدروز، وهذا يسجل انتصارا للمجلس الذي اخذ معنا إنشاؤه اكثر من خمسين عاما ولتوحيد مشيخة العقل وبالتالي وحدة الكلمة، لذلك المستقبل معنا في ما يتعلق، في يوم ما، بإمكانية استثمار هذه الأرض للصالح العام”.
وأضاف: ” لا استطيع اليوم ان ابشر بشيء ولن اقوم بأي مبادرة، فقط لبيت دعوة من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون وقامت القيامة يمينا ويسارا، لم اكن المبادر وقلت لا بد من تسوية. ففي أوج الحرب عندما كانت المدافع تقصف، شكلنا حينذاك حكومة وفاق وطني مع امين الجميل الذي كنّا على عداء مع عهده في حينه، لم تعط نتيجة امر آخر، لكننا شكلنا حكومة في أوج الحرب في 84 “بدك تتعاطى وتحكي مع الناس”، قمنا بمحاولة تسوية، الظروف لم تسمح. واليوم اذا كان من احد في البلد يظن انهم يفكرون بنا، فلا احد يفكر بنا، واذا لم يقم أصحاب الشأن الكبار بتسوية داخلية، فلا موسكو ولا غيرها تستطيع ان تنوب عنا بتسوية داخلية، نعتقد انها قد تفتح الباب امام التفاوض مع الهيئات الدولية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، من اجل تخفيف العبء الاقتصادي والاجتماعي ومدنا ببعض المال ولا مهرب. هذه مؤسسات دولية، شرط اننا كلبنانيين، نوحد ارقامنا المالية، فالمرة الماضية كان هناك ثلاثة ارقام، والفرق بينهم مليارات. آخر رقم للنائب إبراهيم كنعان والرقمين الباقيين اختلفوا عليهما. اعود وأكرر لم اقم بمبادرة وانما طرحت تسوية، انسحب من كل الموضوع وانشاء الله يأتيهم الالهام، لان الآتي اصعب والظروف المحيطة لا احد يفكر بالآخر، وربما هناك امل من المبادرة الفرنسية بما تبقى”.
وتحدث في الاجتماع شيخ العقل قائلاً: “نحن اليوم على الصعيد الوطني في خضم أقسى التحديات.الصورة القاتمة لم تكشف بعد كل مكامن الخطر. لبنان الذي عهدناه، يترنح. تضيق إمكانات نهوضه تحت ضغط الأزمات المتوالدة من كل صوب. الوباء لا يضرب صحة الناس وحسب، بل يضرب بوجوه أخرى السياسة والاقتصاد والمقومات الوطنية برمتها. بل ثمة أوبئة موازية مثل فقدان التماسك الوطني، وانحطاط الأداء السياسي إلى أدنى المستويات، والنزوع المحبط نحو التشرذم واستثارة الشعبوية الطائفية، واللعب في صميم الهاوية وسط عالم ينغمس في لعبة الأمم الكبرى وصراع الأمبراطوريات المتجدد قديمها وحديثها”.
واضاف: “اليوم إزاء كل هذه الأزمات المصيرية إن انصف المرء لوجد رؤية وليد بك جنبلاط أنه استبق ويستبق على الدوام طرح سبل المواجهة، وبدعم وسائلها في كافة المستويات، وبتوطيد مقومات الصمود، وبدعم كل مبادرة من شأنها إنقاذ الكيان الوطني بناسه وبمعناه. وله الشكر على جميع جهوده وخاصة سبل مكافحة الوباء المستجد وكل ما يحصن المجتمع بالصمود”.
بعد الاجتماع أصدر مجلس إدارة المجلس المذهبي بيانا، جاء فيه:
“أولا: إن القوى المعنية المسؤولة عن تأليف الحكومة مطالبة بوقف التعطيل وتبادل الاتهامات وإغراق البلاد في متاريس المواقف الذي يدفع البلاد عميقا في الهاوية، وتشكيل حكومة تنفذ برنامج الإصلاح المطلوب لبدء المعالجات المنشود للأزمات المتفاقمة بأسرع وقت.
ثانيا: إن استمرار التعامي الرسمي عن آفة التهريب يؤدي إلى المزيد من الأضرار المباشرة على معيشة اللبنانيين الذين يدفعون أثمانا مضاعفة، كان آخرها خسارة المزارعين لفرصة تصدير منتجاتهم. وإذ يناشد المجلس المذهبي المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي للعودة عن قرار منع الصادرات الزراعية اللبنانية، يطالب في الوقت ذاته الأجهزة اللبنانية بضبط الحدود ووقف هذا التسيب القاتل الذي يدمر الاقتصاد اللبناني، خصوصا وأن آلية الدعم الحالية تستنزف كل ما تبقى من أموال اللبنانيين خدمة للمهربين والمحتكرين، ولذلك لا بد من إقرار ترشيد الدعم.
ثالثا: إن التأخر في إصدار التشكيلات القضائية، والممارسات التي تطال هيبة القضاء وصدقيته، تعرض السلطة القضائية لخسارة ما لديها من حصانة وثقة لدى الناس. وإزاء ذلك يعيد المجلس التأكيد على الضرورة القصوى لإقرار قانون استقلالية القضاء بشكل عاجل وتطبيقه بشكل صارم، بموازاة إقرار التشكيلات القضائية، لحماية العدالة والحقيقة من آفة الكيدية والانتقام.
رابعا: يبقى الواقع الصحي حاضرا بكل أولوياته، وتحت ضغط الأزمة الاقتصادية والتحدي الوبائي، فإن الأولوية قصوى لدعم القطاع الطبي والاستشفائي، بموازاة تكرار النداء للمواطنين الى التزام كل إجراءات الوقاية دون أي استهتار والتسجيل لتلقي التطعيم المناسب تحصينا للصحة الشخصية ومناعة المجتمع.
خامسا: في مقابل إمعان الاحتلال الإسرائيلي في اعتداءاته على مساحة الأراضي المحتلة في الجولان كما في كل فلسطين، حيث يواصل عمليات التهويد ومحاولات تغيير الهوية، تبقى الإرادة العربية الصامدة لابناء الجولان المحتل أقوى من كل غلو الاحتلال، ويبقى العنفوان الفلسطيني المتجدد بانتفاضة المقدسيين خير دليل على صدق الإنتماء الى الأرض والتاريخ والهوية وعلى صلابة إرادة الحياة مهما طال ليل الاحتلال”.