زار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، على رأس وفد من العلماء، ضريح المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد في منطقة الأوزاعي إحياء لذكرى استشهاده، وقرأوا مع نجله المهندس سعد الدين الفاتحة عن روحه.
وقال دريان في بيان: “ليس المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد، يرحمه الله، شخصا لا يذكر إلا في مناسبة وذكرى استشهاده. إنه بإيمانه وبترجمته هذا الإيمان اتخذ مواقف أخلاقية ووطنية، جعلته حيا لا يموت. ذلك أنه استشهد في سبيل الله، والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون. إنه حي فينا بمواقفه الإسلامية والوطنية، وهي المواقف الثوابت لدار الفتوى ذودا عن الإسلام شرعة ومنهاجا، ودفاعا عن الوطن الذي ارتضيناه وطنا نهائيا لنا جميعا. لذلك، لم تكن صدفة أن تصدر عن دار الفتوى الثوابت الإسلامية الوطنية الجامعة التي تربط بين وحدة المسلمين والوحدة الوطنية، وحدة المسلمين على قاعدة الاعتصام بحبل الله وعدم التفرقة، ووحدة اللبنانيين على قاعدة المواطنة والعيش المشترك. إنها مدرسة المفتي الشهيد التي عمل عليها ومن أجلها وعكست إيمان مسلمي لبنان وثقافتهم سواء، ومن حيث تمسكهم بدينهم الذي ارتضاه الله لهم، أو تمسكهم بوطنهم رسالة الوحدة الوطنية والعيش الواحد. ولعله بسبب تمسكه يرحمه الله بهذه الثوابت وبسبب نضاله القوي من أجلها، كان هدفا للعدوان الغادر الذي قصف حياته وهو في عز عطائه العلمي والفكري الديني والوطني”.
أضاف: “استذكارنا للمبادىء السامية التي استشهد عليها ومن أجلها المفتي الشهيد يشكل حافزا لنا جميعا لمواصلة السير على طريق الوحدة: الوحدة الإسلامية – الإسلامية، والوحدة المسيحية – الإسلامية”.
وختم: “حمل المفتي الشهيد هذه المبادىء السامية إلى ما وراء الحدود وحتى إلى ما وراء البحار، حيث كان موضع احترام وتقدير لمواقفه الإنسانية السامية. رحم الله شهيدنا الغالي وأجزل له الثواب، وتغمده بواسع رحمته”.
نجل المفتي خالد
وألقى نجل المفتي خالد سعد الدين كلمة قال فيها: “في الذكرى الثانية والثلاثين لاغتيال المفتي الشهيد على يد الغدر والاجرام والاثم والعدوان صاحب الكلمة الحرة والموقف الجريء الاسلامي والوطني والعربي بامتياز، رجلا من رجال العلم والدين والاخلاق وقائدا إسلاميا ووطنيا وعربيا نفتقد دوره الكبير في هذه الايام النحسات، دافع عن قضايا الامة وحمل هموم الوطن والناس بكل تفان واخلاص، وحمل قضايا الوطن وتعقيداته في أحلك الظروف، فسبر أغوار القضية اللبنانية بكل مفاصلها وتشعباتها فكانت دار الفتوى بقيادته مرجعية لا يستهان بها ولا يمكن تجاوزها، حمل مشروع الاصلاح السياسي ودافع عنه بكل عزم وقوة وناضل من أجل إلغاء الطائفية السياسية لأنه كان يؤمن بأن الطائفية السياسية والساسة الطائفيون كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذى عليه وكل ذلك على حساب لبنان وسلامته وازدهاره، وواجه من أجل ذلك أصحاب الامر الواقع من ميليشيات واحزاب وادارت مدنية حولت حياة اللبنانيين الى جحيم، ولهذا فقد ترك غيابه فراغا كبيرا على ساحتنا الاسلامية والوطنية. نقف أمامكم لنحيي هذه الذكرى إلا أنه لا بد أن نستذكر ونشكر، فمن لا يشكر الناس وأصحاب الفضل لا يشكر الله”.
أضاف: “لقد كان المفتي الشهيد يؤمن بأن لا خلاص للبنان إلا بدعم ورعاية عربية له، فهم ظهير لبنان واللبنانيين لذلك لم يترك فرصة إلا واغتنمها للقاء بهم والتشاور معهم في كل المجالات واخص بالذكر المملكة العربية السعودية، ولا اقول هذا الكلام لان سعادة السفير المكرم والصديق وليد البخاري موجود بيننا، إنني أقوله من باب الاعتراف بالفضل نيابة عن المخلصين اللبنانيين. لقد كان لمملكة الخير الفضل الكبير في رعاية لبنان واللبنانيين في السراء والضراء، حيث كانت لا تألو جهدا في زرع الوفاق بين جميع اللبنانيين وكانت تشجع على الوفاق وتدعو الى الاعتدال وتقدم المساعدات لجميع اللبنانيين، من دون استثناء وبغض النظر عن طوائفهم وانتماءاتهم كما كان لها الفضل الكبير في رعاية جميع قضايا الأمة العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وكان الفضل الاكبر لها إبان اغتيال المفتي الشهيد وخلال انعقاد القمة العربية في المغرب، والتي ناشد المفتي الشهيد ان يكون على جدول اعمالها القضية اللبنانية قبل استشهاده بساعات قليلة، فكان اجتماع القادة اللبنانيين في مدينة الطائف الذي نتج منه اتفاق الطائف الذي اعاد لبنان الى دوره العربي والدولي، الا ان هذا الاتفاق لم تنفذ بنوده بالكامل والتي حالت دون عودة انتظام القانون”.
وختم: “نشكركم جميعا والشكر والامتنان الكبيران الى سعادة سفير مملكة الخير الصديق وليد البخاري على مشاركته ورعايته ووقوفه معنا في هذه الذكرى الاليمة والغالية.
والشكر موصول الى سعادة نائب بيروت الاستاذ الصديق فؤاد مخزومي الحاضر معنا دائما.
نعاهدكم ان نبقى على العهد متمسكين بنهج المفتي الخالد وعلى الأمانة بكل اخلاص والسير على خطاه الى أن يقضي الله امرا كان مفعولا”.