على بعد ستة ايام من الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، أطلقت “الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان” أول تقرير رسمي لبناني حوله تحت عنوان: “رصد انتهاكات حقوق الإنسان في الاستجابة لانفجار مرفأ بيروت”.
وفي مؤتمر صحافي تلا رئيس الهيئة الدكتور فادي جرجس بياناً قال إن “الوقائع والمعلومات التي جمعتها حول انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في الرابع من آب (أوغسطس) من العام 2020 وطريقة الاستجابة لتداعياته أثبتت إهمالا وفشلا كبيرا في حماية حقوق الجميع بدون تمييز، بما في ذلك الحق في الحياة والصحة والسكن والغذاء والماء والتعليم والحق في بيئة صحية سليمة”.
وأوضح جرجس: “أن الحكومة اللبنانية أخلت بواجبها في الرعاية وحق الحياة لمواطنيها عندما تركت مادة خطيرة في مرفأ بيروت، في وسط العاصمة، لأكثر من 7 سنوات. ولم تتخذ الإجراء المناسب للتخفيف من المخاطر ولم تتخذ القرارات الصحيحة لحماية مواطنيها”.
أضاف: “وفي ظل تصاعد النقاش حول موضوع رفع الحصانات فإن الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان تشدد على:
1- ضرورة تتبع مسار شحنة مادة النترات منذ خروجها من البلد المصدر حتى وصولها إلى مرفأ بيروت، نظرا لاحتمال تورط مجموعات إجرامية منظمة في ارتكاب جريمة عابرة للحدود الوطنية ومشمولة بالاتفاقيات الدولية، ولا سيما اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (اتفاقية باليرمو)، ولبنان طرف فيها. وتنص أحكام اتفاقية باليرمو، على أن مرور الوقت، والسرية المصرفية، والحصانات، لا تؤخذ في الاعتبار عند ارتكاب جرائم مماثلة.
2- أما في حال عدم ثبوت وقوع جريمة منظمة فإن الهيئة تشدد على ضرورة اتباع الأطر الدستورية والقانونية وضمان الشفافية والاستقلالية للسلطة القضائية بعيدا عن أي تدخلات”.
وأشار جرجس إلى أنه “خلال مرحلة إعداد التقرير التقت الهيئة أفراد ومنظمات معنية بالاستجابة لتداعيات تفجير مرفأ بيروت لجمع المعلومات ذات الصلة. ونفذت مقابلات مع قائمة من المساهمين تضم 65 لبنانيا وأجنبيا من خلفيات مختلفة، بما في ذلك المؤسسات الحكومية والمؤسسات الأمنية اللبنانية ونشطاء المجتمع المدني ومحامون. وعقدت 43 اجتماعا مع ضحايا الانفجار ممن فقدوا أفرادا من الأسرة أو تعرضوا لأضرار جسدية أو لحقتهم أضرارا مادية”.
ولفت الى “ان غياب التخطيط الاستراتيجي جعل الاستجابة فوضوية وغير فعالة في بعض الأحيان. وزادت هذه الازدواجية من ضائقة الناجين، إذ لم يشعر الكثيرون بالراحة عند فتح منازلهم وتبادل المعلومات مع جميع من شاركوا في الاستجابة. ورأى البعض أنه جرى انتهاك الحق في الخصوصية. وقد سلمت المساعدات الطارئة عدة مرات إلى الأشخاص أنفسهم أو إلى أشخاص ليسوا في حاجة حقيقية وزاد الافتقار إلى المعلومات أو تناقضها من الإحباط وانعدام الثقة عموما بالمصادر الحكومية، إذ كان الانتشار السريع للمعلومات الخاطئة والمريبة والمضللة عارما. وقد أثر نقص التنسيق بين جميع مؤسسات الدولة بنحو خطير على كفاءة تقديم المساعدات. ولم تضع الوزارات والادارات المعنية والمؤسسات المعنية بالإسعاف والاغاثة استراتيجية مشتركة أو أي خطة عمل لتلبية الاحتياجات في ما بعد الكارثة. وقد كشف ذلك عن الحاجة الماسة إلى هيئة تنسق عمل الحكومة وإلى رقمنة الحكومة لتسهيل الوصول إلى المعلومات وتبادل البيانات.
لقد كان تأثير الانفجار على الفئات الأكثر ضعفا كبير جدا، لا سيما التأثير على المرأة وعلى كبار السن والأطفال والعمال والعاملات الأجانب واللاجئين ومجتمع الميم والأشخاص ذوي الإعاقة”.