إستغرق اللقاء الذي تم في وزارة الخارجية اللبنانية بين عبد الله بو حبيب ونظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان تسعين دقيقة تداولا خلالها الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية.
وقال عبد اللهيان في أعقابه: “كانت فرصة طيبة وثمينة جمعتنا اليوم بمعالي وزير الخارجية اللبنانية الدكتور عبد الله بو حبيب حيث خضنا سلسلة من المحادثات المفيدة والبناءة. وتم التشاور وتبادل وجهات النظر بيننا خلال هذا اللقاء الكريم حول مختلف التطورات السياسية المحلية منها والاقليمية والدولية ايضا”.
وتابع: “نحن اليوم في بيروت كي نقولها بصوت مدوي ، نحن لا نريد الا الخير والهناء للبنان واللبنانيين. خلال الشهر المنصرم وعلى هامش اعمال منتدى ميونيخ الأمني التقيت بدولة رئيس مجلس الوزراء في لبنان الاستاذ نجيب ميقاتي وقد اكدت له ان الجمهورية الإسلامية الايرانية ما زالت مستعدة للمضي قدما لتحقيق المشروع الحيوي والعمراني في لبنان الشقيق، وذلك من خلال استحداث معملين لإنتاج الطاقة الكهربائية في الاراضي اللبنانية يعمل كل منها بقوة الف ميغاوات. الجمهورية الاسلامية الايرانية أثبتت على الدوام من خلال التجربة العملية انها تقف الى جانب اصدقائها في السراء والضراء على حد سواء”.
اضاف: “ونحن في إطار سعينا الدائم والدؤوب للوقوف الى جانب لبنان الشقيق والقيام بكل خطوة من شأنها ان تساهم في تذليل المشكلات والمتاعب الاقتصادية والمالية والعمرانية التي يعاني منها لبنان في هذه المرحلة الحساسة من تاريخه. وضعنا سلة من المقترحات الإيجابية والبناءة في هذا المجال، وهذه المقترحات ستأخذ طريقها الى الدراسة والمتابعة من قبل المسؤولين اللبنانيين المحترمين.
أود في هذا الإطار ان أحيّي من صميم القلب الشهداء العظام للمقاومة في لبنان العزيز، اليوم يرتفع اسم لبنان عاليا بين دول العالم وشعوبه من خلال اقتران اسمه بمفهوم المقاومة، ولولا المقاومة الباسلة والروح المقاوِمة التي تحلى بها ابناء الشعب اللبناني العزيز لكنا اليوم، لا سمح الله، نعاني من شر وبراثن الاحتلال الصهيوني البغيض للاراضي اللبنانية، ولولا وجود المقاومين الغيارى الاوفياء والشرفاء على مستوى المنطقة ايضا لكنا لا سمح الله سنرى ان داعش وسواها من المنظمات الارهابية التكفيرية الظلامية تفرض سيطرتها على دول هذه المنطقة وشعوبها. ومن هنا نغتنم هذه المناسبة الطيبة كي نقف بكل إجلال واحترام أمام الروح المتعالية لشهداء المقاومة العظام والكبار اللواء الشهيد قاسم سليماني رحمه الله والمهندس الشهيد ابو مهدي”.
وتابع: “كما هو معروف فإن المجتمع اللبناني هو على عتبة اجراء الانتخابات النيابية في المستقبل القريب، المجتمع السياسي اللبناني يتميز بالحيوية، والانتخابات البرلمانية النيابية هي مصداق أكيد لهذه الحيوية والديمقراطية المتجلية في لبنان. ونحن على ثقة تامة انه بفضل الحكمة والدراية التي يتحلى بها رجالات الدولة في هذا البلد الشقيق، ومن خلال هذه الروح المتوثبة والحيوية التي يتحلى بها ابناء الشعب اللبناني العزيز، نحن على ثقة تامة ان لبنان سيتمكن من إنجاز هذا الاستحقاق الانتخابي النيابي بكل توفيق ونجاح، وبالشكل الذي يؤدي الى رسم مستقبل أفضل لهذا البلد العزيز”.
وأوضح: “خلال هذا اللقاء الكريم الذي جمعني بصديقي الوزير بو حبيب تحدثنا عن بعض الملفات الإقليمية ومنها الحوار الايراني السعودي الذي يحصل في بغداد. نحن نرحب بعودة العلاقات الطبيعية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية .هناك بعض الرسائل المتناقضة التي نتلقاها من المملكة ومن المسؤولين السعوديين نحن نتوقع ونتمنى من المملكة العربية السعودية ومن المسؤولين فيها ان يتحركوا في الاتجاه الذي يخدم مصلحة هذه المنطقة ودولها وشعوبها. نحن ندين الحرب، سواء كانت في أوكرانيا أو في اليمن أو في افغانستان أو في أي بقعة أخرى من هذا العالم. لا شك ان الوجدان الانساني ينفطر تجاه ظاهرة التهجير سواء كان هذا التهجير يحصل على مستوى اوكرانيا او اليمن او افغانستان او فلسطين المحتلة”.
ومضى: “كما تحدثنا ايضا عن القضية الفلسطينية وبطبيعة الحال فإن الجمهورية الاسلامية الايرانية تدعم بشكل كامل التحرير الكامل للتراب الفلسطيني المحتل وبالتالي تشكيل الدولة الفلسطينية الواحدة الموحدة على أرض فلسطين التاريخية وعاصمتها القدس الشريف. المبادرة السياسية للجمهورية الاسلامية الايرانية لحل القضية الفلسطينية سُجلت ودُونت كمستند رسمي في منظمة الأمم المتحدة نحن مع اعتبارنا للمقاومة كسبيل وحيد لتحرير فلسطين وتشكيل الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة. الا اننا في المقابل نعتبر ان إتاحة المجال أمام إجراء استفتاء شعبي عام لكافة سكان فلسطين التاريخيين سواء كانوا من المسلمين او من المسيحيين او من اليهود ، هذا الاستفتاء الشعبي العام الحر بإمكانه ان يعطي صورة واضحة للمستقبل الذي يطمح اليه أبناء الشعب الفلسطيني”.
بالنسبة لمفاوضات فيينا لفت الوزير الإيراني إلى انه: “نظرا للتجربة الديبلوماسية القيمة والمرموقة لصديقي الوزير الدكتور عبدالله بو حبيب، تحدثنا عن مفاوضات فيينا ونحن نعتقد ان الولايات المتحدة الاميركية بدلا من ان تعمل على التلاعب بعنصر الوقت والتلاعب بعنصر الكلام ينبغي عليها سلوك الخيار الصحيح والامور المجدية والمفيدة والبناءة التي بإمكانها في نهاية المطاف ان تُفسح الطريق لانجاز وإبرام هذا الاتفاق النووي. نحن مستعدون لانجاز اتفاق قوي وجيد ومستدام ولكن لا ان يكون هذا الاتفاق ثمنه اجتياز الخطوط الحمراء للجمهورية الاسلامية الايرانية. نحن نعتقد انه اذا كانت هناك نظرة أميركية واقعية في مقاربة الامور فإننا في أقرب فرصة زمنية ممكنة سنشهد ولادة وانجازا لهذا الاتفاق النووي .وفي حال تم التوصل الى اتفاق نهائي نعتقد ان هذا الامر ستستفيد منه كل دول المنطقة”.
وردا على سؤال حول تواصل بلاده يمع روسيا لوقف إطلاق النار في اوكرانيا أجاب: “خلال المباحثات التي اجريتها مع وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف أبلغته الرسالة التي حملتها من قبل وزير خارجية اوكرانيا له وللمسؤولين الروس، الجانب الاوكراني كان يرمي لوضع حد لهذه الحرب والمضي قدما في المفاوضات السياسية. المسؤولون الروس رحبوا باستمرار المفاوضات السياسية التي من شأنها ان تؤدي في نهاية المطاف الى وضع حد للأعمال الحربية هناك”.
حول العقبات التي تعنرض إنجاز الاتفاق النووي أشار: “بطبيعة الحال لا يمكننا في مؤتمر كهذا أن نتطرق لكافة التفاصيل والأمور المرتبطة بهذا الموضوع ولكن بشكل عام اقول إن هناك بعض الأمور التي ما زالت عالقة والتي ترتبط برفع العقوبات الظالمة المفروضة على إيران”.
إستقبل، بعد ظهر البوم الخميس 24/03/2022، وزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبد الله بو حبيب وزير خارجية الجمهورية الإسلامية في إيران حسين أمير عبد اللهيان، على رأس وفد رسمي.
وقد استهل بو حبيب المؤتمر الصفي المشترك مرحبا بالوزير الضيف “الذي تكرّم بإحاطتي بآخر مستجدات الملفات الدولية والإقليمية الساخنة، وتبادلنا الأفكار والمعطيات وكيفية تعزيز العلاقات الثنائية في جو من الود والصداقة”.
وتابع: “يتطلع لبنان الى إبرام اتفاق دولي من خلال مفاوضات فيينا للوصول الى حل سلمي يرضي جميع الاطراف ويأخذ مصالحهم وهواجسهم بعين الاعتبار، مما ينعكس ايجابا على منطقتنا والعالم. ونأمل ايضا ان تصل مفاوضات بغداد بين ايران والسعودية الى خواتيمها سريعا لفتح الطريق امام تفاهمات إقليمية تحقق السلام والعدالة في منطقتنا وتُطمئن النفوس، بما يخدم المصالح العربية – الايرانية ويعود على لبنان بالخير والاستقرار”.