غادر الموسيقار الكبير إلياس الرحباني، ثالث الأخوين رحباني عاصي ومنصور، هذه الدنيا واضعاً لحن الوداع إلى الأبد.
وبوفاته تفتقد الأسرة الرحبانية العريقة التي تربعت على عرش الفن في لبنان وأسست “وطن الرحابنة” أحد أهم مداميك الفن في لبنان والعالم العربي.
الراحل من مواليد العام 1938، وهو الشقيق الأصغر للأخوين الراحلين عاصي ومنصور الرحباني.
درس الرحباني الموسيقى في الأكاديمية اللبنانية (1945 – 1958) والمعهد الوطني للموسيقى (1955 – 1956)، إضافة إلى تلقيه دروساً خاصة لعشرة أعوام، تحت إشراف أساتذة فرنسيين في الموسيقى.
أحب الموسيقى بعد أن تعرّف عليها من خلال أخويه عاصي ومنصور الرحباني (الأخوين رحباني) اللذان يكبرانه في السن.
في التاسعة عشرة من عمره (1957) أراد التوجه إلى روسيا ليكمل دراسته، لكن إصابة في يده اليمنى منعته من ذلك. وكان تلاشي الحلم صدمة عظيمة له، وقد تخلى أستاذه عن تعليمه، لكنه صمم على المتابعة بيده اليسرى، ووجّه اهتمامه إلى مجال التأليف الموسيقي.
وفي العشرين من عمره (1958) استدعته إذاعة “بي بي سي” البريطانية بفرعها في لبنان، وتعاقدت معه على تلحين 40 أغنية و13 برنامجاً، فكان ذلك أول عمل رسمي له بأجر بلغ 3900 ليرة لبنانية.
كان عام 1962 محطة رئيسة في حياة الراحل؛ فقد بدأ فيه التعاون مع المغنّين المعروفين، بأغنية “ما أحلاها” للمغني نصري شمس الدين، وبدأ العمل كمخرج ومستشار موسيقي في إذاعة لبنان، وتعرّف على حبيبته “نينا خليل” وتزوجها.
بقي في إذاعة لبنان حتى 1972، واشتغل أيضاً منتج موسيقي لدى شركات منتجة للإسطوانات. وفي 1976 سافر مع عائلته إلى باريس.
قدّم الراحل الرحباني للعالم مئات من الأعمال الموسيقية، أسهمت في ثراء ورقيّ الفنون العربية خلال القرن العشرين.
تلقى خلال حياته جوائز عدة، منها: جائزة مسابقة شبابية في الموسيقى الكلاسيكية 1964، جائزة عن مقطوعة La Guerre Est Finie في مهرجان أثينا عام 1970، شهادة السينما في المهرجان الدولي للفيلم الإعلاني في البندقية عام 1977، الجائزة الثانية في مهرجان لندن الدولي للإعلان عام 1995، الجائزة الأولى في روستوك بألمانيا عن أغنية Mory، وجوائز في البرازيل واليونان وبلغاريا. وعام 2000 كرّمته جامعة بارينغتون في واشنطن بدكتوراه فخرية، وكذلك جامعة أستورياس في إسبانيا.
وفي عام 2004 نُصّب عميداً لأكاديمية روتانا لتعليم الغناء، بداية تأسيسها؛ لكنه استقال منها بعد مدة قصيرة، بمبرر أن قرارات اتخذت بدون استشارته.
في نفس العام، صدرت أغنية أتحدى العالم للمغني صابر الرباعي؛ فاعترض إلياس لدى صاحب اللحن خالد البكري والشركة المنتجة روتانا، بأنها تشبه في جملها اللحنية بعض ألحانه، خاصة لحن معزوفة “نينا ماريا” الذي ألّفه في سبعينات القرن العشرين؛ لكنهم لم يقبلوا التفاوض معه. أدى هذا إلى دعوى رفعها ضد الملحن والشركة في القضاء اللبناني لأجل حقوق الملكية، فتم إجراء تحقيق فني متخصص من قِبل لجنة الاستماع في جمعية المؤلفين والملحنين، وربح إلياس الدعوى بصدور حكم بإلزام الشركة بسحب الألبوم من الأسواق وإضافة اسمه عليه.
كان إلياس الرحباني من أعضاء شرف الموسمين 10 و11 من برنامج ستار أكاديمي (للتعليق على الأداء)؛ وقد كان سابقاً من أعضاء لجنة تحكيم برنامج سوبر ستار (أراب آيدول).
يذكر أن إلياس وزوجته نينا أنجبا ابنين هما: غسان وجاد.
منصور شعبان