مشهد الصفوف الطويلة لأرتال السيارات أمام محطات الوقود في كل لبنان يذكّر بالمشهد عينه سنة 1973 عندما قطع الملك السعودي المغفور له فيصل بن عبد العزيز النفط عن الولايات المتحدة الأميركية، خلال حرب تشرين اول/أوكتوبر من ذلك العام، بسبب موقفها الداعم لإسرائيل ضد العرب والمسلمين ولم تمض فترة حتى قُتِل الملك بعدما كان أبلغ الإدارة الأميركية بأنه يريد أن يصلّي في المسجد الأقصى بالقدس.
موقف الملك فيصل (رحمه الله) وضع واشنطن أمام حقيقة مرة، بعدما هدّدت الطوابير الطويلة المجتمع الأميركي برمته، سياسياً واقتصادياً، فقررت تعديل سياستها تجاه كل ما يتعلق بأزمة الشرق الأوسط خاصة لجهة الإمساك بملف النفط بقوة وجعله بيدها، عبر تكثيف مشاركة شركاتها وحلفائها الأوروبيين بالتنقيب عن البترول بما يعني السيطرة على منابعه والأسواق العربية والاحتفاظ بأسرار الأماكن التي تحتوي كميات هائلة منه.
لبنان حلقة ضمن هذا المخطط حيث أن شركات النفط أغلبها، كما هو معروف، أميركية وأوروبية وإن كانت هناك محطات، بأسماء محلية، فإنها تعمل برعايتها.
هذه الشركات تتحكم بالسوق في توقيت مدروس. عهد ضعيف، مجلس وزراء مستقيل ومحاولات متعثرة لتأليف حكومة، عملة وطنية منهارة تواجه دولاراً أميركياً أفقدها قيمتها الشرائية بنسبة تفوق 90%، أزمات.. وأزمات بلا حل، فوضى عارمة.
وأمام كل ما يحصل كان لا بد من فعل شيء ما، في ظل إنهاك الدولة، وشعب يتابع إعلاماً متعدّد الولاءات تحت خطوط حمراء، ظهرت ايران بقرار المساعدة بإرسال سفن تحمل بداخلها نفط السلام الآمن لشعب يقف بالدور لتبعئة البنزين..
لا غرابة في الأمر، الشركات اميركية وأوروبية حرمت اللبنانيين من البترول العربي، بينما إيران أغدقت بنفطها مع المخاطرة.
ما تقدّم يرسل إشارة إلى مستقبل قاتم من حيث أنه يعطي صورة واضحة عن ان المقبل على بلاد النفط ربما يشبه الواقع الحالي في لبنان.
منصور شعبان