اثبت خيار المقاومة مواجهة الأعداء ومنعهم من تنفيذ مخططاتهم ومشاريعهم وتحرير الأرض العربية المحتلة وهذا ما أنجزته المقاومة في لبنان التي حررت معظم ارض الجنوب من الاحتلال الصهيوني ومنع الكيان الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة من تحقيق أهداف عدوان تموز عام 2006م والمتمثل بشكل خاص بتطبيق ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد الذي يستهدف تجزئة أقطار عربية عرقيا ومذهبيا وطائفيا. مثلما انجزت المقاومة تحرير جرود عرسال من الارهابيين.
وكذلك ما أنجزته أيضا المقاومة الفلسطينية في غزة التي واجهت العدوان الصهيوني ومنعته من تحقيق أهدافه في عدوان كانون الأول 2008م، وعدوان 2012، 2014 و 2018 وقبل أيام من هذا الشهر لعام 2021. رغم الخسائر الباهظة المادية والبشرية والدعم غير المحدود الذي قدمته الإدارات الأمريكية إلى العدو الصهيوني في المجالات العسكرية والمادية والسياسية، وقد نجحت المقاومة في العراق أيضا في إفشال المشروع الأمريكي الذي هدفت إليه إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن عبر عدوان آذار عام 2003م الذي أسفر عن إسقاط النظام في العراق واحتلاله هذا الاحتلال الذي أنهته المقاومة العراقية الباسلة في نهاية عام 2011م وسوف تنهي تواجده الحالي.
وها هي سورية اليوم ومنذ أكثر من عشر سنوات تواجه وتقاوم المؤامرة الإرهابية الضالعة فيها الولايات المتحدة الأمريكية ودول استعمارية غربية وتركيا والكيان الصهيوني وأنظمة عربية وعصابات إرهابية وتحقيق انتصارات كبرى في العديد من المحافظات السورية وحالت دون تحقيق أهدافها في إسقاط الدولة السورية لأنها رفضت الانصياع للسياسات الأمريكية وواجهت المشاريع والمخططات الأمريكية الصهيونية ودعمت المقاومة التي أفشلت كل هذه المشاريع والمخططات، لقد شكلت المقاومة رد الفعل الطبيعي أمام هذه الهجمة الاستعمارية الامبريالية الصهيونية الإرهابية وهذا يجعلنا نؤكد على دور المقاومة وخيار المقاومة كطريق ووسيلة لمواجهة التحديات والعدوان والاحتلال والمخططات التي تستهدف الأمة وتشعل طريق النصر.
ولكي تكون المقاومة بمستوى المواجهة الكبرى التي تخوضها فلا بد من:
1- نشر ثقافة المقاومة واعتمادها طريقاً معبداً استراتيجيا وهذا يتطلب بناء مجتمعات مقاومة، حتى تتمكن المقاومة من انجاز مهامها وتقوم بدورها المطلوب منها بشكل تام وكامل في مواجهة أعداء أقوى عتادا وعدة وعليه فإننا نؤكد على تحقيق المجتمع المقاوم عبر الأخذ بأسباب القوة السياسية والعسكرية والمادية والبشرية ورفع لمستوى ثقافة المقاومة ومشاركة الشعب في المقاومة وهذا يتطلب حل مشكلاته الاجتماعية والمعيشية والتعليمية والصحية والتأكيد على التنمية في المجالات كافة ليكون محصنا وقادرا على العطاء والمقاومة والنجاح في مهمات المقاومة.
2- ويتطلب أيضا تحصين المقاومة بقوة الإيمان بالقضية التي يناضل المقاومون من اجلها، وبعدالتها مما يعطيها القدرة على تحقيق الانتصار، كما يتوجب توفير الدعم والإمكانات والاهتمام في تحصين كل مقاوم لمنع اختراق العدو لجسد المقاومة وإفشاله في إرباكها وتضليلها. وهذا المطلوب لدعم الشعب العربي الفلسطيني الذي قاوم ويقاوم ويواجه الصهاينة المعتدين في قطاع غزة والأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948 وكذلك في الضفة الغربية بعيداً عن التنسيق الأمني بين العدو والسلطة الفلسطينية الذي يجب ان يتوقف.
3- ولا بد للمقاومة من رؤية سياسية سليمة تحدد مواقفها السياسية من الوضع الدولي والإقليمي والعربي ولا بد للمقاومة من خطة إستراتيجية تحدد الأهداف التي يمكن بلوغها في فترة تاريخية محددة. وتحدد الوسائل والتحالفات التي تخدم بلوغ هذه الأهداف، مثلما تحدد النهج الذي ينبغي إتباعه للوصول إلى تحقيق غاياتها الإستراتيجية ويجب ان لا تكون المقاومة مجرد رد فعل مؤقت على الأحداث الجارية بل ثابت من الثوابت الوطنية والقومية في مواجهة التحديات ومخططات الأعداء. خاصة وان طريق المقاومة الشعبية قد اثبت قدرته على انجاز تحرير الأرض والإنسان في العديد من دول العالم المناضلة من اجل التحرير والتحرر، مثلما أكدت المقاومة نجاحها في الوطن العربي عبر انتصاراتها التي حققتها في مواجهة المشروع الصهيوني والمخططات الأمريكية.
ان من أهم عناصر نجاح المقاومة التفاف جموع الشعب حولها داعما وحاميا وحارسا لها باعتبارها الطريق المؤدي إلى الدفاع عن امن الأرض والشعب.
أي ان للبعد الثقافي المقاوم أهمية مضاعفة في وضعنا العربي الراهن الذي يحتاج فعلا للمقاومة مثلما يحتاج لمواجهة الهجوم الشرس الذي يشنه أعداء الأمة على المقاومة بهدف تشويهها وإلصاق تهمة الإرهاب بها لإفشالها عبر ابعاد الحاضنة الجماهيرية السياج الحقيقي الحامي لها كما تقوم أجهزة الإعلام المعادية أيضا بتشويه رموز المقاومة وقادتها مثلما تقوم أجهزة المخابرات والاستخبارات باستهدافهم عبر عمليات الاعتقال والاغتيال. وتأتي هذه الحملة الشرسة على المقاومة وثقافتها لأنها تشكل النقيض لثقافة الاستسلام والرضوخ لسياسات واملاءات أعداء الأمة لأنها تقوم أساسا على رفض الاحتلال والاستعمار ومقاومته مثلما تقاوم كل أشكال الظلم والتسلط والاستبداد.
نعود للتأكيد على إستراتيجية طريق المقاومة وخاصة فيما يتعلق بالصراع العربي الصهيوني حيث تأتي المقاومة كأولوية لتحرير الأرض العربية المحتلة في فلسطين وسورية ولبنان مما يوجب علينا دعم المقاومة الفلسطينية بكل أشكال الدعم المادي والمعنوي والسياسي، كما يتوجب علينا دعم المقاومة في لبنان التي تناضل وتقاتل الصهاينة والمحتلين مثلما تقاتل المعتدين الإرهابيين على سورية العربية ولبنان وتواجه المشاريع والمخططات الأمريكية وأدوات تنفيذها في لبنان من تكفيريين وتابعين للسياسات الأمريكية.
فالمقاومة طريق استراتيجي للشعوب المقهورة والمحتلة وطريق لتحقيق النصر. وبها تم تحقيق انتصار المقاومة في غزة وكل فلسطين العربية
الامين العام لحزب البعث العربي التقدمي
الأردن
فؤاد دبور