ما يحدث اليوم في لبنان من انهيار متسارع، يهدف الى الإطاحة بالدولة ووحدة الوطن والصيغة الهشة التي سار عليها لعقود.
لم تعد المسألة تكمن في تشكيل حكومة، او اختلاف على الحقائب والأسماء والنفوذ، أو الأخذ بالحسبان الانتخابات النيابية القادمة التي ستعطل بقدرة قادر، المسألة تنحصر في حرب استنزاف شرسة لا هوادة فيها ضد لبنان، تديرها بكل تفاصيلها جهات خارجية، ومنظومة داخلية متواطئة متناغمة، ممسكة بمفاصل السلطة، لتركيع اللبنانيين، وفرض الحلول الخارجية عليه، وإن أدى ذلك الى المزيد من التحلل، وأخذ الشعب الى مواجهات وتصادمات عنيفة داخلية، يختلط فيها الحابل والنابل.
إن تصرفات ولا مبالاة “المسؤولين” في السلطة، وتركهم الامور تتدهور اكثر فأكثر، وعدم اتخاذهم الإجراءات العاجلة الرادعة، والتحلي بالحد الأدنى من المسؤولية الوطنية بذرائع واهية، يثبتون كل يوم أنهم جزء لا يتجزأ من سياسة خارجية عميقة، متوافقة معها، تريد أخذ البلد الى التفكك والتحلل، لإعادة صياغة جديدة لكنتونات سياسية، تحفظ من جديد طبقة الرأسماليين، والمصرفيين الحيتان، والإحتكاريين، وكل الذين تٱمروا تواطؤوا، ونهبوا البلد والشعب، والحقوا به عن عمد وقصد الفقر، والجوع،والإذلال، وامتصوا دمه على مدار عقود، ما يجعل لبنان بانتظار الأسوأ، في الأيام القادمة.
ما لم يتمكن الخارج وبعض أطياف الداخل المكشوفة والمستترة من تحقيقه عام 2006، يرى اليوم عبر اطراف سياسية داخلية من مختلف الطوائف ،معروفة مواقفها،أنها الفرصة الملائمة التي لن تتكرر لأخذ لبنان الى الموقع الذي يريدونه، بالتنسيق مع الخارج، أيا كانت الوسائل، ومهما كانت التداعيات!
هل يعي اللبنانيون حقيقة ما يجري، أم ان العصبيات، والمواقف السلبية المسبقة تطغى على العقول، وهذا ما يريده الخارج، وكل الذين تٱمروا في الداخل ،وسطوا على المال العام والشعب، ونهبوا البلد، وهربوا أموالهم وفق خطة مدبرة مرسومة، اوصلت البلاد والعباد الى ما هم فيه الٱن؟!
د. عدنان منصور
لبنان/ وزير الخارجية والمغتربين الأسبق