مهما فعلتم وقمتم بالتنسيق والتطبيع سياسيا، عسكريا، اقتصاديا مع الكيان الصهيوني سيبقى هذا الكيان في ازمة وجود، حيث يعتبر كيانا مصطنعا لا يقوم على العناصر والأسس التي تجعل منه دولة طبيعية حيث لا أصالة ولا تاريخ ولا شعب بمقومات الشعب وعناصره بل يتشكل من مجموعات مهاجرين تم استقدامهم من دول متعددة في هذا العالم كيان يحمل بذور الفشل ذلك لأنه صناعة استعمارية لخدمة مصالح الدول الاستعمارية التي صاغته وصنعته وساعدته على اغتصاب ارض الآخرين ويأتي في مقدمة الدول الاستعمارية هذه بريطانيا وقد رعته بعد قيامه الولايات المتحدة الأمريكية، بمعنى أن هذا الكيان لا يمتلك مقومات الاستمرار في الوجود لأنه اعتمد في الأصل، ولا يزال يعتمد، على الخارج الذي أمده بكل ما يحتاجه لاستمرار بقائه من قوة مالية واقتصادية وعسكرية وبشرية وسياسية، هذا أعطاه ويعطيه القدرة المؤقتة على البقاء، والاعتماد على الآخرين بجعله كيانا غير طبيعي مما يجعل هواجس الوجود تسيطر على الصهاينة بكل تلاوينهم السياسية والعرقية كما يجعل قادة العدو الصهيوني يتوجسون خيفة من أي تحرك سياسي أو تنظيمات فلسطينية وعربية مقاومة ومن امتلاك أي قطر عربي للسلاح حتى لو كان هذا السلاح أمريكيا مشروطا بعدم استخدامه ضد كيانهم.
كما تتجسد الهواجس والمخاوف والقلق الصهيوني من امتلاك المقاومة الفلسطينية لأبسط أنواع السلاح للدفاع عن النفس مثلما يتوجس خيفة من امتلاك المقاومة الوطنية اللبنانية ممثلة بشكل أساسي بحزب الله لصواريخ يمكن أن تلحق بالكيان الصهيوني أضرارا بالغة مثلما يتخوف هذا الكيان من إمكانية امتلاك إيران للطاقة النووية حتى لو كانت للأغراض السلمية ويتم التعبير عن هذا التخوف في الحصار والاستهداف الصهيوني والغربي بعامة والولايات المتحدة بخاصة المفروض على إيران وتوجيه التهديد تلو الأخر لها. كما يتجسد هذا القلق من سورية التي تدعم المقاومة وترفض الانصياع للاشتراطات الأمريكية التي هي في الواقع اشتراطات الصهيونية ، وهذا القلق والخوف من الموقف السوري المتمسك بالثوابت الوطنية والقومية والداعم للمقاومة يتجسد فعليا بالحرب الكونية المتعددة الأطراف التي استهدفت وتستهدف سورية هذه الأيام والتي تقوم بها الدول الاستعمارية والامبريالية الراعية للكيان الصهيوني سواء بشكل مباشر عبر فرض الحصار والعقوبات ونهب الثروات النفطية والمواد الغذائية أو بشكل غير منظور بوضوح عبر تقديم الدعم المادي والإعلامي والسلاح لعصابات تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في سورية مثلما تستهدف نظامه المقاوم. مثلما تنتاب قادة الكيان الصهيوني الهواجس على استمرارية كيانهم في الوجود في فقدانهم الثقة بالقدرة على تثبيت هذا الوجود عبر استخدام القوة العسكرية والحروب والعدوان وممارسة كل الأعمال الإجرامية ضد شعب فلسطين صاحب الأرض المغتصبة وضد العرب عموما وعدم القدرة على وقف مقاومة الشعب الفلسطيني لكيان احتل ارضه وشرد الملايين من أبنائه وأقام مستعمرات استيطانية في معظم وطنه.
نعود لنؤكد على أن العناصر التي يعتمد عليها الصهاينة في كيانهم الغاصب ليست ذاتية بل هي عناصر خارجية سواء عبر تزويد الدول الداعمة لها لجيشها بأحدث أنواع الأسلحة وبكل أشكال الدعم الأخرى وبخاصة توفير الأمن والحماية للكيان عبر القيام بشن حروب على العرب حيث كان من أهم أهداف هذه الحروب توفير الحماية للكيان الصهيوني أو عبر استصدار قرارات من مجلس الأمن الدولي تستهدف المقاومة وسورية ومن أبرزها القرار 1559 الصادر في شهر أيلول عام 2004م أو استخدام حق النقض ضد أي إدانة من مجلس الأمن الدولي لممارسات الصهاينة العدوانية، كل هذا الدعم الأمريكي والجهد الأمريكي السياسي والعسكري لا يزيل الهواجس من نفوس الصهاينة، وهذا أمر طبيعي عند قادة كيان قام خارج الأسس والمنطق الموضوعي لمجرى تاريخ نشوء الدول.
ويمكننا أن نتوقف عند حقائق واقعية تؤكد ان الصهاينة يعيشون فعليا هواجس الوجود ومن أبرزها:
1- الانتصارات التي أحرزتها المقاومة ضد الكيان الصهيوني وبخاصة إجبار قادة الكيان الصهيوني على الانسحاب من معظم الأرض المحتلة في جنوب لبنان وانتصار المقاومة في حرب تموز عام 2006م في الحرب ضد لبنان ومقاومته وانتصار المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على الحروب العدوانية 27 كانون الأول عام 2008م واعوام أخرى لاحقة، وقدرة المقاومة على توجيه ضربات موجعة متعددة ضد العدو الصهيوني.
2- فشل المشروع الأمريكي في تحقيق أهدافه السياسية في المنطقة والمتمثلة بإعادة رسم خارطتها وفرض السيطرة عليها، وجر عدد من الأنظمة للتطبيع مع هذا الكيان.
3- ازدياد قوة المقاومة والدول الداعمة لها رغم ما تتعرض له هذه الدول من مؤامرات وضغوطات وحصار بأشكال متعددة.
4- الهجرة اليهودية المعاكسة والتي تعتبر مؤشرا على انعدام الثقة باستمرار وجود هذا الكيان.
5- تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في الكيان الصهيوني والتي يتم التعبير عنها هذه الأيام بالاحتجاجات الكبيرة المتواصلة.
6- ظاهرة التهرب من الخدمة العسكرية في صفوف الجيش الصهيوني.
7- غرق الكيان الصهيوني وقادته وحكامه في الانحلال والفساد والرشوة.
ليس هذا امل نتمنى تحقيقه بل واقع سيتحقق مع الزمن.
الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي
فؤاد دبور
الأردن